Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

Chinguetti d. 1393 AH
105

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Chercheur

خالد بن عثمان السبت

Maison d'édition

دار عطاءات العلم (الرياض)

Numéro d'édition

الخامسة

Année de publication

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Lieu d'édition

دار ابن حزم (بيروت)

Genres

﴿وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ هنا محذوفٌ دلَّ المقامُ عليه (^١)، والمعنى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ أي: أَنْعَمْنَا عليهم هذه النعمَ فقابلوا نِعَمَنَا بعدمِ الشكرِ وارتكابِ المعاصي، ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾ بتلك المعاصي التي قَابَلُوا بها نِعَمَنَا ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾. وقال بعضُ العلماءِ: أُمِرُوا أن لا يدَّخِرُوا من المنِّ والسلوى فخالفوا أَمْرَ اللَّهِ وَادَّخَرُوا، وَمَا ظَلَمُونَا بذلك الادخارِ المنهيِّ عنه ولكن كانوا أنفسَهم يَظْلِمُونَ (^٢). والقولُ الأولُ أَشْمَلُ، وهو الصوابُ. وقوله (جل وعلا) في هذه الآيةِ: ﴿وَمَا ظَلَمُونَا﴾ فيه الدليلُ الواضحُ على أن نَفْيَ الفعلِ لا يستلزمُ إمكانَه (^٣)؛ لأن اللَّهَ نفى عنه أنهم ظَلَمُوهُ، ونفيُه (جل وعلا) عن نفسِه أنهم ظَلَمُوهُ لا يدلُّ على أنه يمكنُ أن يَظْلِمُوهُ، بل نفيُ الفعلِ لا يدلُّ على إمكانِه. وقولُه جل وعلا: ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (لكن) واقعةٌ في مَوْقِعِهَا، والمعنى: أن هذا الظلمَ واقعٌ على أنفسِهم حيثُ عَرَّضُوهَا به لسخطِ اللَّهِ (جل وعلا) وعقابِه، فَضَرَرُ فِعْلِهِمْ عائدٌ إليهم، واللَّهُ (جل وعلا) لا تَضُرُّهُ معاصي خَلْقِهِ، ولا تَنْفَعُهُ طاعاتُهم ﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ [التغابن: آية ٦]. وقد بَيَّنَ القرآنُ في آياتٍ كثيرةٍ أن اللَّهَ (جل وعلا) لا يتضررُ

(^١) انظر: القرطبي (١/ ٤٠٩)، الدر المصون (١/ ٣٧١). (^٢) انظر: البحر المحيط (١/ ٢١٥). (^٣) المصدر السابق.

1 / 109