إن كل يوم هو أشبه بالليمونة تقسيما. وعلى غرارها يجب أن نقسم أعمال يومنا. وأخيرا يجب أن لا نرمي الليمونة في صندوق الزبالة إلا بعد أن نيأس منها.
يقول المثل: «الأمور تدبر بعضها» فلماذا نستبق الزمان، لماذا لا نعمل هادئين تاركين حبل الغد على غاربه؟
إن معلمنا الأكبر هو معنا، هو قلبنا، فليكن دليلنا حقا، ولنتشبه به في انتظام دقاته الرتيبة. فلولا هذه الرتابة ما استطاع أن يعمل سبعين ثمانين سنة ليلا نهارا.
من يستطيع تغيير ناموس الحياة؟ ألم يقل الحجاج: «لا بد مما ليس منه بد»؟
ألم يقل الجلاد لسقراط، حين ناوله كأس السم: «ارض بما ليس منه بد؟»
إن المؤمن لا يخشى شيئا، بل يتابع طريقه على بركة الله. يتابعها ولا يخاف شيئا. فإن كان مسيحيا فعنده: «شعور رءوسكم محصاة لا تخافوا، فشعرة منها لا تسقط بدون إرادة أبيكم.» وإن كان مسلما فهو متوكل على ربه في كل ثانية يردد:
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا . وإن كنا نؤمن بالعلم الحديث فنحن باقون ندور مع هذه الأفلاك كيفما دارت، وأي شيء يهمنا؟
لقد مضى الزمن الذي كان فيه المرحوم جدي يخبرني عن انتهاء العالم العتيد، ويختم كلامه بقوله: «تؤلف ولا تؤلفان»؛ أي لا تأتي سنة الألفين ميلادية حتى تقوم القيامة.
فأين هو اليوم ليقرأ ما تنشر الصحف والمجلات، ويعلم أننا ننتظر أن نشيد لنا دكاكين ومحطات بنزين وغيرها في القمر والزهرة والمريخ؟
فإذا رأيت الرجل مطرقا، شارد الفكر، مهموما، فاعلم أنه لا يحسن تصريف أعماله، بل يكردسها فتتراكم ويحمل همها. إنه يجعل من تأجيلها خميرة للقلق واضطراب الأعصاب. وهو، لو أراد، لاستطاع أن يخلو من الهم، وعاش مثل صاحبنا الدرويش.
Page inconnue