ألا يذكر كلامي بقول المتنبي: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم»؟
فالشاعر أو المفكر، أو العبقري يسبق إلهامه العلم؛ ولهذا يكبر المتنبي في عيني كل يوم.
ما عساك تفعل من العظائم إذا كنت تتثاءب ألف مرة قبل أن تنهض من فراشك؟ وإذا كنت هكذا فاعلم أنك شيخ محطم ولو كنت ابن عشرين.
الفتوة وحدها لا تكفي، فليست المسألة مسألة سن.
إذا كنت عبقريا ولا تعمل، فإنك تظل حيث أنت وقد يسبقك واحد دونك ذكاء، ولكنه أعظم طاقة وحمية، ويحب عمله من كل قلبه.
يقولون: إنه يقتضي لنا سبعون مليون سنة حتى نقطع الفضاء، ثم تظل تلك الرحلة المليونية بلا نتيجة. أفلا يخطر ببالنا شيخ المعرة الذي قال قبل ألف سنة ونيف:
ولو طار جبريل بقية عمره
من الدهر ما اسطاع الخروج من الدهر
المعري شيخ وهن عظمه ورق جلده. والمتنبي أخو خمسين مجتمع أشده، وكلاهما سبقا العلماء إلى حقائق أقروها اليوم.
أتريد أن أضع لك مخططا يريك أنه ليس للعمر تأثير على أصحاب العقول الكبيرة؟ ولكني قبل ذلك أحب أن تعرف ما يقوله غلادستون حول هذا الموضوع، قال: «إن للعمل الذي يمكن استخراجه من الدماغ الإنساني حدا معينا، والرجل الحكيم لا يبذل قواه في عمل لا يطيقه.» فخير ما أتمنى هو إيقاد النار الكامنة في صدور الفتيان؛ لأن في كل هيكل بشري نارا خالدة تدفعه إلى عمل نافع، يبرز فيه على سواه.
Page inconnue