أما دواء الأوهام فهو تناسيها، ولا نتناساها إلا بالعمل المستمر ولعل هذا ما عناه، وليم جيمس، بقوله: «ليس في إمكاننا أن نغير شيئا من إحساساتنا بمحض إرادتنا، ولكن في استطاعتنا أن نغير أفعالنا فتتغير إحساساتنا.» فالطريق إلى السعادة المفقودة هي أن تظهر كما لو كنت سعيدا.
ألا تكفينا أمراضنا حتى نقدم على اختراع أمراض غير موجودة؟
لا يشفينا من أوهامنا إلا الاعتقاد الذي لا يتزعزع بقول القائل: «لا بد مما ليس منه بد.» وإذا لم تعمل بهذه الكلمة، وقعدت تغذي أوهامك، فإنها تتكاثر عليك، تنام معك في سريرك، وترافقك في مسيرك ولا تدعك حتى تنهار أعصابك وتمضي لسبيلك بلا رجعة. فخير لنا أن لا نقطع جسرا قبلما نصل إليه.
شبابك على قدر طاقتك
إن عدد السنين، وشيب الشعر، وسقوطه، كل هذا لا يقدم ولا يؤخر.
هل رأيت ثورا يدركه الشيب أو الصلع مهما يعش؟
ليس العبقري للحراثة، ولا يعيش على عضلات يديه ورجليه، وإنما يحيا ويظل فتيا بتلافيف دماغه. فرب فتى خرف في الثلاثين، ورب شيخ ظل فتي الفكر في الثمانين والتسعين.
إنا لفي زمن يهزءون فيه بالشيخوخة لأنها شيخوخة. هذا هو اعتداد الكثيرين من الشباب، ولا عجب، فالصراع، كما نلاحظه، قائم أبدا بين الشيوخ والشباب.
نبدأ في البيت، فالشيخ لا يعجبه شيئا من أعمال ذريته، وهذه غريزة المحافظة على السيادة التي فقدت أو كادت.
يريد الشيخ أن تمشي الأمور على عقله. يكون ابنه في الثلاثين وما فوق، وإذا أتى ما لا يقره عليه، ولم يستطع أن يسيره كما يروم، هز رأسه وقال: أولاد!
Page inconnue