وأنا ما اخترتك على الإخوان إلا لما رأيته فيك من لياقة للملك؛ إنني أنصبك على رأس الخلق، وما الخلق إلا ودائع الحقّ، وأنا إنما أعهد بالملك إليك وبالرّوح لرضوان (^١). «يا بنيّ لا تشرك بالله إن الشّرك لظلم عظيم .... يا بنيّ أقم الصّلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إنّ ذلك من عزم الأمور، ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحبّ كلّ مختال فخور» (^٢).
يا بنيّ، إنما يسأل الملوك عن العدل: «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلّكم تذكّرون» (^٣) الدنيا فرّارة ما قرت لأحد أبدا، إنما هي كسجم السحاب ليس له من دوام، وبكاؤها كابتسام البرق لا يصدر عن رضا وارتياح، إن أضحك ساعة أبكى سنة، وإذا أتى بسيّئة/ جعلها سنّة.
فلمّا وعظه بتلك الوصايا البليغة، أمر فاجتمع أركان الحضرة وأعيان السّلطنة. ولما رأى صفّة الديوان غاصّة بالخاصّ والعامّ قال: قد بلغت شمس إقبالي درجة الزّوال، ومعلوم أنّ الملك لا يبقى بلا مالك، كما لا تبقى المدينة بغير مدبّر، شعر:
- يمضي واحد ويحلّ محلّه آخر … لا يدع الله الدنيا بغير حاكم.
_________
(^١) خازن الجنّة.
(^٢) سورة لقمان: ١٣: ١٨.
(^٣) سورة النحل: ٩.
1 / 3