Akhbar Muwaffaqiyyat
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Chercheur
سامي مكي العاني
Maison d'édition
عالم الكتب
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Lieu d'édition
بيروت
يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، وَيَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَمَسَاوِئِ الأَخْلاقِ لأَنَّكُمْ طَالَمَا اضْطَجَعْتُمْ فِي مَنَامِ الضَّلالِ، وَأَوْضَعْتُمْ فِي أَوْدِيَةِ الْفِتْنَةِ، وَسَنَنْتُمْ سُنَنَ الْغَيِّ.
وايْمُ اللَّهِ لأَلْحُوَنَّكُمْ لَحْوَ الْعُودِ، وَلأَقْرَعَنَّكُمْ قَرْعَ الْمَرْوَةِ، وَلأَعْصِبَنَّكُمِ عَصْبَ السَّلَمَةِ، وَلأَضْرِبَنَّكُمْ ضَرْبَ غَرِيبَةِ الإِبِلِ.
فَإِيَّايَ وهَذِهِ الزَّرَافَاتِ وَالْجَمَاعَاتِ، وَقَالَ وَمَا يَقُولُ، وَكَانَ وَمَا يَكُونُ، مَا أَنْتُمْ وَذَاكَ؟ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، إِنَّمَا أَنْتُمِ لَكَأَهْلِ قَرْيَةٍ ﴿كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ﴾ [النحل: ١١٢] .
فَاسْتَوْسِقُوا وَاعْتَدِلُوا وَلا تَمِيلُوا، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَشَايِعُوا وَبَايِعُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنِّي الإِكْثَارُ وَلا الإِهْذَارُ، وَلا مَعَ ذَلِكَ الْفِرَارُ وَالنِّفَارُ، إِنَّمَا هَوُ انَتْضَائِي هَذَا السَّيْفَ، ثُمَّ لا يُغْمَدُ الشِّتَاءَ وَلا الصَّيْفَ، حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُ اللَّهِ، وَحَتَّى يُذَلَّ صَعْبِكُمْ، وَيُقِيمَ مِنْ أَوَّدِكُمْ وَصَعَّرِّكُمْ.
ثُمَّ إِنِّي وَجَدْتُ الصِّدْقَ مَعَ الْبِرِّ وَوَجَدْتُ الْبِرَّ فِي الْجَنَّةِ، وَوَجَدْتُ الْكَذِبَ مَعَ الْفُجِورِ، وَوَجَدْتُ الْفُجُورَ فِي النَّارِ، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنِي بِأَعْطَيَاتِكُمْ وَإِشْخَاصِكُمْ لِمُجَاهَدَةِ عَدُوِّكُمْ، وَقَدْ أَمَرْتُ لَكُمْ بِذَلِكَ، وَأَجَّلْتُكُمْ ثَلاثًا، وَأَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا يَأْخُذُنِي بِهِ، وَيَسْتَوْفِيهِ مِنِّي، لَيْسَ يُخَلَّفُ أَحَدٌ مِنْكُمِ بَعْدَ قَبْضِ عَطَائِهِ يَوْمًا وَاحِدًا لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ، وَلأَهَبَنَّ مَالَهُ.
يَا غُلامُ اقْرَأْ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقَالَ الْكَاتِبُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، إِلَى مَنْ بِالْعِرَاقِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنينَ.
سَلامٌ عَلَيْكُمْ.
فَلَمْ يَرُدَّ أَحَدٌ السَّلامَ.
فَقَالَ الْحَجَّاجُ مِنَ الْمِنْبَرِ: اسْكُتْ يَا غُلامُ.
يَا أَهْلَ الْفُرْقَةِ، سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ تَرُدُّوا عَلَيْهِ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ بَقَيْتُ لَكُمْ لأُؤَدِّبَنَّكُمْ أَدَبًا سِوَى أَدَبِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، أَوْ لَتَسْتَقِيمُنَّ لِي، وَلأَجْعَلَنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْكُمْ شُغْلا فِي نَفْسِهِ.
يَا غُلامُ: اقْرَأْ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقَالَ الكَاتِبُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
فَلَمَّا بَلَغَ السَّلامَ، قَالَ مَنْ فِي الْمَسْجِدِ: وَعَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلامُ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
ثُمَّ نَزَلَ فَدَخَلَ دَارَ الإِمَارَةِ، فَحُجِبَ النَّاسُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعِ أُذِنَ لِلْنَاسِ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ، فِيمَنْ دَخَلَ، فَقَالَ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَقَدْ خَرَجَ اسْمِي فِي هَذَا الْبَعْثُ، وَلِيَ ابْنٌ، هُوَ عَلَى الْحَرْبِ وَالأَسْفَارِ أَقْوَى مِنِّي، وَأَشْجَعُ عِنْدَ اللِّقَاءِ، فَإِنْ رَأَى الأَمِيرُ أَنْ يَجْعَلَهُ مَكَانِي فَعَلَ.
فَقَالَ الحجّاجُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، رَاشِدًا، وَابْعَثِ ابْنَكَ بَدِيلا.
1 / 28