Akhbar Muwaffaqiyyat

al-Zubayr Ibn Bakkar d. 256 AH
23

Akhbar Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Chercheur

سامي مكي العاني

Maison d'édition

عالم الكتب

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Lieu d'édition

بيروت

فَقَالَ: مَكَانَكَ، ثُمَّ دَعَا بِالْغَدَاءِ، وَدَعَا بِوَكِيلِهِ، فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي، فَسَارَّهُ، وَقَالَ: احْمِلِ السَّاعَةَ إِلَى مَنْزِلِ بُرَيْهَةَ مِائَةً وَثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَحُمِلَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَغَدَّى فَلَمَا انْصَرَفَ وَجَدَهَا فِي مَنْزِلِهِ، وَرَكِبَ غَسَّانُ مِنَ الْغَدِ، فَكَلَّمَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي دَيْنِهِ وَعَرَضَ رُقْعَتَهُ، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: قَدْ بَلَغَنِي مَا فَعَلْتَ أَمْسَ، فَوَصَلَكَ اللَّهُ بِصِلَتِكَ، فَأَنْتَ وَاللَّهِ مِمَّنْ إِذَا تَكَلَّمْ نَفَعَ كَلامُهُ، وَإِذَا سَكَتَ حَسُنَ سُكُوتُهُ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ وَكَرَامَةٌ، قَدْ أَمَرْنَا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَالزِّيَادَةِ فِي أَرْزَاقِهِ، وَأَدْرَرْنَاهَا عَلَيْهِ. فَدَعَا لَهُ غَسَّانُ وَانْصَرَفَ، فَلَمَّا وَلَّى أَتْبَعَهُ بَصَرَهُ. فَقَالَ: لا تَزَالُ الْخِلافَةُ ذَاتَ بَهْجَةِ مَا حَضَرَ مَجْلِسَنَا مِثْلُ هَذَا، مَا اغْتَابَ عِنْدِي أَحَدًا قَطُّ، وَلا اعْتَرَضَ فِي كَلامِهِ، وَلا سَأَلَ حَاجَةً لِنَفْسِهِ، وِلا جَرَّبْنَا عَلَيْهِ كَذِبًا وَلا خِيَانَةً، وَلا سَبَقَهُ لِسَانُهُ بِلَفْظَةٍ اعْتَذَرَ مِنْهَا. ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ تَوْقِيعٍ بَعَدَ هَذَا خَرَجَ ثَلاثَةَ آلافِ دِرْهَمٍ لِغَسَّانَ بْنِ عَبَّادٍ النَّازِلِ مَا لا يَعْنِيهِ حَدَّثَنِي مُبَارَكٌ الْمَطِيرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَوْمًا لابْنِ خُرَيْمٍ، وَكَانَ آنِسًا بِهِ: إِنِّي وَاثِقٌ بِعِنَايَتِكَ، وَحِفْظِكَ وَأَمَانَتِكَ وَنَصِيحَتِكَ لأَمَانَتِكَ، وَلَيْسَ كُلُّ ذِي عَقْلٍ نَاصِحٍ يَجْتَمِعُ هَذَا فِيهِ، فَأَخْبِرْنِي عَمَّا يَعِيبُ النَّاسَ مِنْ أَمْرِي، وَيَكْرَهُونَ مْنَ سِيرَتِي. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا أَصْبَحَ النَّاسُ يُنْكِرُونَ مِنْ سِيرَتِكَ مُنْكَرًا، وَلا يَسْتَبْطُونَ خَبَرًا، إِلا أَنَّ أَهْلَ النَّصِيحَةِ لَكَ وَالإِبْقَاءِ عَلَيْكَ قَدْ غَاظَهُمْ مُبَاشَرَتُكَ أُمُورَكَ، وَتَوَلِّيكَ النَّظَرَ فِيمَا لَوْ وَكَّلْتَهُ إِلَى غَيْرِكَ كَفَاكَهُ، وَشَغَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الصَّغِيرِ مِنَ الأُمُرِ، حَتَّى انْحَلَّ جِسْمُكَ مِنَ التَّهَنِّي بِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، فَلَوْ بَاشَرْتَ جَلائِلَ الأُمُورِ، وَوَكَّلْتَ خَسَائِسَهَا إِلَى أَعْوَانِكَ انْتَظَمْتَ الأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: إِنَّ مُوسَى ﵇ شَكَا إِلَى رَبِّهِ ﷿ قِلَةَ أَعْوَانِهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ تَكْتُبَ سَبْعِينَ عَهْدًا وَتَتْرُكَ مَوَاضِعَ أَسْمَاءَ الرِّجَالِ لَيُعْلِمَهُ اللَّهُ إِيَّاهُمْ فَيُسَمِّيهِمْ فِيهَا. قَالَ الْمَنْصُورُ: هَذَا مُوسَى دَلَّهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَوْحَى اللَّهُ فِيهِمْ، وَأَخْبَارُ السَّمَاءِ لَيْسَ يَعْلَمُهَا إِلا مَلَكٌ مَقَرَّبٌ وَنبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَأَنَا مَنْ يُخْبِرُنِي وَالنَّاسُ كَمَا قَدْ عَلِمْتَ فِي مَسَاوِئِهِمْ وَخُبْثِ نِيَّاتِهِمْ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الرَّبِيعِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ؟ فَوَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مِنْ خَدَمِ الْمُلُوكِ مِثْلَهُمَا، وَكَانَ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمَا حَسَنًا، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَعْلَمَا كَلامِي إِيَّاهُ. وَكَانَا خَلْفَ الْفُسْطَاطِ، فَرَأَى ظِلَّهُمَا، فَقَالَ الْفَاسِقَيْنِ الْمُخَنَّثَيْنِ، لَيْسَا لِذَلِكَ بِأَهْلٍ، وَإِنْ كَانَا يَسْمَعَانِ قَوْلِيَ الآنَ، ثُمَّ أَصْغَى إِلَيَّ فَقَالَ: مَعَ أَنَّهُمَا قَدْ ضَغَطَهُمَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ صَلُحَا، وَعَبْدُ الْمَلِكِ أَمِينٌ مُجْزٍ، وَالرَّبِيعُ ظَرِيفٌ نَاصِحٌ.

1 / 23