225

Akhbar Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Enquêteur

سامي مكي العاني

Maison d'édition

عالم الكتب

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Lieu d'édition

بيروت

فَلَمَّا أَبَيْتُمْ زُلْتُ عَنْكُمْ إِلَيْهِمُ ... فَلِي فِيكُمُ بَعْدَ الذُّنُوبِ ذُنُوبُ
فَلا تَبْعَثُوا مِنِّي الْكَلامَ فَإِنَّنِي ... إِذَا شِئْتُ يَوْمًا شَاعِرٌ وَخَطِيبُ
وَإِنِّي لَحُلْوٌ تَعْتَرِينِي مَرَارَةٌ ... وَمِلْحٌ أُجَاجٌ تَارَةً وَشَرُوبُ
لِكُلِّ امْرِئٍ عِنْدِي الَّذِي هُوَ أَهْلُهُ ... أَفَانِينُ شَتَّى وَالرِّجَالُ ضُرُوبُ
وَقَالَ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ فِي ذَلِكَ:
وَقَالَتْ لِيَ الأَنْصَارُ أَضْعَافَ قَوْلِهِمْ ... لِمَعْنٍ وَذَاكَ الْقَوْلُ جَهْلٌ مِنَ الْجَهْلِ
فَقُلْتُ: دَعُونِي لا أَبًا لأَبِيكُمُ ... فَإِنِّي أَخُوكُمْ صَاحِبُ الْخَطَرِ الْفَصْلِ
أَنَا صَاحِبُ الْقَوْلِ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ ... أُقَطِّعُ أَنْفَاسَ الرِّجَالِ عَلَى مَهْلِ
فَإِنْ تَسْكُتُوا أَسْكُتْ وَفِي الصَّمْتِ رَاحَةٌ ... وَإِنْ تَنْطِقُوا أَصْمُتْ مَقَالَتُكُمْ تُبْلِي
وَمَا لُمْتُ نَفْسِي فِي الْخِلافِ عَلَيْكُمُ ... وَإِنْ كُنْتُمُ مُسْتَجْمِعِينَ عَلَى عَذْلِي
أُرِيدُ بِذَاكَ اللَّهَ لا شَيْءَ غَيْرُهُ ... وَمَا عِنْدَ رَبِّ النَّاسِ مِنْ دَرَجِ الْفَضْلِ
وَمَا لِيَ رِحْمٌ فِي قُرَيْشٍ قَرِيبَةٌ ... وَلا دَارُهَا دَارِي وَلا أَصْلُهَا أَصْلِي
وَلَكِنَّهَمْ قَوْمٌ عَلَيْنَا أَئِمَّةٌ ... أَدِينُ لَهُمْ مَا أَنْفَذَتْ قَدَمِي نَعْلِي
وَكَانَ أَحَقَّ النَّاسِ أَنْ تَقْنَعُوا بِهِ ... وَيَحْتَمِلُوا مَنْ جَاءَ فِي قَوْلِهِ مِثْلِي
لأَنِي أَخَفُّ النَّاسَ فِيمَا يَسُرُّكُمْ ... وَفَيْمَا يَسُؤُكُمْ لا أُمِرُّ وَلا أُحْلِي
وَقَالَ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو وَكَانَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ مِمَّنْ جَاهَدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَقَادَ فَرَسَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَانَ يَتَصَدَّقُ مِنْ نَخْلِهِ بِأَلْفِ وَسْقٍ فِي كُلِّ عَامٍ، وَكَانَ سَيِّدًا، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، وَمِمَّنْ شَهِدَ مَعَهُ يَوْمَ الْجَمَلِ، قَالَ: فَذَكَرَ مَعْنًا وَعُوَيْمًا وَعَاتَبَهُمَا عَلَى قَوْلِهِمَا:
أَلا قُلْ لِمَعْنٍ إِذَا جِئْتَهُ ... وَذَاكَ الَّذِي شَيْخُهُ سَاعِدَة
بِأَنَّ الْمَقَالَ الَّذِي قُلْتُمَا ... خَفِيفٌ عَلَيْنَا سِوَى وَاحِدَة
مَقَالَكُمُ إِنَّ مَنْ خَلْفَنَا ... مِرَاضٌ قُلُوبُهُمُ فَاسِدَة
حَلالُ الدِّمَاءِ عَلَى فَتْنةٍ ... فَيَا بِئْسَمَا رَبَّتِ الْوَالِدَة
فَلَمْ تَأْخُذَا قَدْرَ أَثْمَانِهَا ... وَلَمْ تَسْتَفِيدَا بِهَا فَائِدَة
لَقَدْ كَذَّبَ اللَّهُ مَا قُلْتُمَا ... وَقَدْ يَكْذِبُ الرَّائِدُ الْوَاعِدَة
ثُمَّ إِنَّ الأَنْصَارَ أَصْلَحُوا بَيْنَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِمَا، ثُمَّ اجْتَمَعَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمًا وَفِيهِمْ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَخْلاطٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَذَلِكَ بَعَدَ انْصِرَافِ الأَنْصَارِ عَنْ رَأْيِهَا وَسُكُونِ الْفِتْنَةِ.
فَاتَّفَقَ ذَلِكَ عِنْدَ قُدُومِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مِنْ سَفَرٍ كَانَ فِيهِ، فَجَاءَ إِلَيْهِمْ فَأَفَاضُوا فِي ذِكْرَ يَوْمِ السَّقِيفَةِ وَسَعْدٍ وَدَعْوَاهُ الأَمْرَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: وَاللَّهِ لَقَدْ دَفَعَ اللَّهُ عَنَّا مِنَ الأَنْصَارِ عَظَيِمَةً، وَلَمَّا دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَعْظَمَ، كَادُوا وَاللَّهِ أَنْ يَحِلُّوا حَبْلَ الإِسْلامِ كَمَا قَاتَلُوا عَلَيْهِ، وَيُخْرِجُوا مِنْهُ مَنْ أَدْخَلُوا فِيهِ.
وَاللَّهِ لَئِنْ كَانُوا سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» .

1 / 225