183

Akhbar Muwaffaqiyyat

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

Chercheur

سامي مكي العاني

Maison d'édition

عالم الكتب

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

Lieu d'édition

بيروت

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَسَنٍ مَوْلَى الرَّبِيعِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: " قَدِمَ الْحَجَّاجُ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَصَلَّى عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ وَثَبَ وَرَكِبَ الْوَلِيدُ، فَمَشَى الْحَجَّاجُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ وَتِرْسٌ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: ارْكَبْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، دَعْنِي أَسْتَكْثِرُ مِنَ الْجِهَادِ، فَإِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنَ الأَشْعَثِ شَغَلانِي عَنِ الْجِهَادِ، زَمَنًا طَوِيلا، فَعَزَمَ عَلَيْهِ الْوَلِيدُ فَرَكِبَ، وَدَخَلَ مَعَ الْوَلِيدِ فَبَيْنَا هُوَ يَتَحَدَّثُ، وَهُوَ يَقُولُ: فَعَلْتُ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَفَعَلْتُ، أَقْبَلَتْ جَارِيَةٌ فَسَارَّتِ الْوَلِيدَ، ثُمَّ انْصَرَفَتْ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أَتَدْرِي مَا قَالَتِ الْجَارِيَةُ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَرْسَلَتْ إِلَيَّ أُمُّ الْبَنِينِ بِنْتُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ: إِنَّ مُجَالَسَتَكَ هَذَا الأَعْرَابِيَّ، وَهُوَ فِي سِلاحِهَ، وَأَنْتَ فِي غِلالَةٍ غَرَرٌ، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهَا: إِنَّهُ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ، فَرَاعَهَا ذَلِكَ، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لأَنْ يَخْلُوَ بِكَ مَلَكُ الْمَوْتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَخْلُوَ بِكَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ، وَقَدْ قَتَلَ أَحِبَّاءَ اللَّهِ، وَأَهْلَ طَاعَتِهِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا الْمَرْأةُ رَيْحَانَةٌ، وَلَيْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ، لا تُطْلِعْهُنَّ عَلَى أَمْرِكَ، وَلا تُطْمِعْهُنَّ فِي سِرِّكَ، وَلا تَسْتَعْمِلْهُنَّ بِأَكْثَرَ مِنْ زِينَتِهِنَّ، وَلا تَكُونَنَّ لِمُجَالَسَتِهِنَّ بِلَزُومٍ، فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُنَّ صَغَارٌ وَذِلَّةٌ. ثُمَّ نَهَضَ وَخَرَجَ، فَدَخَلَ الْوَلِيدُ عَلَى أُمِّ الْبَنِينَ، فَأَخْبَرَهَا بِمَقَالَتِهِ. فَقَالَتْ: فِإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَأْمُرَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّسْلِيمِ عَلَيَّ، فَسَيَبْلُغُكَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَغَدَا الْحَجَّاجُ عَلَى الْوَلِيدِ، فَقَالَ: ائْتِ أُمَّ الْبَنِينِ. قَالَ: اعْفِنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: لَتَفْعَلَنَّ. فَأَتَاهَا فَحَجَبَتْهُ طَوِيلا. ثُمَّ قَالَتْ: يَا حَجَّاجُ، أَأَنْتَ الْمُمْتَنُّ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ الأَشْعَثِ؟ وَكُنْتَ الْمَوْلَى غَيْرَ الْمُسْتَعْلَى، أَمَا وَاللَّهِ لَوْلا أَنَّ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّكَ أَهْوَنُ خَلْقِهِ عَلَيْهِ، مَا ابْتَلاكَ بِرَمْي الْكَعْبَةِ، وَبِقَتْلِ ابْنِ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، ابْنِ حَوَارِيِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَّا ابْنُ الأَشْعَثِ فَلَعَمْرِي لَقَدِ اسْتَعْلَى عَلَيْكَ حَتَّى عَجْعَجْتَ، وَوَالَى عَلَيْكَ الْهَزَائِمَ، حَتَّى غَوَّثْتَ.

1 / 183