Akhbar Muwaffaqiyyat
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Chercheur
سامي مكي العاني
Maison d'édition
عالم الكتب
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Lieu d'édition
بيروت
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، فَقَالَ: أَبَالْحِرْمَانِ يُهَدِّدُنِي؟ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ يَدِهِ مَانِعَةٌ، وَعَطَاؤُهُ دُوْنَهُ مَبْذُولٌ، فَأَمَّا عَمْرٌو فَقَدْ أَعْطَى مِنْ نَفْسِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ مِنَ الْحَبْسِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، صَاحِبِ الدَّوْلَةِ: مِنَ الأَسْيرِ فِي يَدَيْهِ بِلا ذَنْبٍ إِلَيْهِ، وَلا خِلافٍ عَلَيْهِ، أَمَّا بَعْدُ، فَآتَاكَ اللَّهُ حِفْظَ الْوَصِيَّةِ، وَمَنَحَكَ نَصِيحَةَ الرَّعِيَّةِ، وَأَلْهَمَكَ عَدْلَ الْقَضِيَّةِ، فَإِنَّكَ مُسْتَوْدَعٌ وَدَائِعَ، ومَوْلَى صَنَائِعَ، فَاحْفَظْ وَدَائِعَكَ، وَأَصْلِحْ صَنَائِعَكَ، فَإِنَّ الْوَدَائِعَ عَارِيَةٌ، وَالصَّنَائِعَ رَعِيَّةٌ، فَلا النِّعَمُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكَ بِمْنَذْورٍ نَدَاهَا، وَلا مَبْلُوغٍ مَدَاهَا، فَنَبِّهْ لِلْتَفَكُّرِ قَلْبَكَ، وَاتَّقِ اللَّهَ رَبَّكَ، وَأَعْطِ مِنْ نَفْسِكَ مَنْ هُوَ تَحْتَكَ مِنَ الْعَفْوُ مَا تُحِبُّ أنْ يُعْطِيَكَ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ مِنَ الْعَدْلِ وِالرَّأْفَةِ وَالأَمْنِ مِنَ الْمَخَافَةِ، فَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِأَنْ فَوَّضَ أَمُورَنَا إِلَيْكَ، فَاعْرِفْ لَنَا حَقَّنَا، فَإِنَّ عَلَيْنَا مِنْ نَقْلِ الْحَدِيدِ وَثِقَلِهِ أَذًى شَدِيدًا، مَعَ مُعَالَجَةِ الأَغْلالِ، وَقِلَّةِ رَحْمَةِ الْعُمَّالِ، الَّذِينَ تَسْهِيلُهُمُ الْغِلْظَةُ، وَتَيْسِيرُهُمُ الْفَظَاظَةُ، وَإِيرَادُهُمْ عَلَيْنَا الْغُمُومُ، وَتَوْجِيهُهِمْ إِلَيْنَا الْهُمُومُ، وَزِيَادَتُهُمُ الْحِرَاسَةُ، وِبَشارَتُهُمُ الْإِيَاسَةُ، فَإِلَيْكَ نُرْفَعُ كُرْبَةَ الشَّكْوَى، وَنَشْكُو شِدَّةَ الْبَلْوَى، وَمَتَى تَمِلْ إِلَيْنَا طَرْفًا، وَتَرِدْنَا مِنْكَ عَطْفًا، تَجِدْ عِنْدَنَا نُصْحًا، وَوُدًّا صَرِيحًا، لا يُضَيْعُ مِثْلُكَ مِثْلَهُ، وَلا يَنْفِي مِثْلُكَ أَهْلَهُ، فَارْعَ حُرْمَةَ مَنْ بِحُرْمَتِهِ أَدْرَكْتَ، وَاعْرِفْ حُجَّةَ مَنِ بِحُجَّتِهِ فَلَجْتَ، فَإِنَّ النَّاسَ مَنِ حَوَضِكِ رِوَاءٌ، وَنَحْنُ مِنْهُ ظِمَاءٌ، يَمْشُونَ فِي الأَبْرَادِ وَنَحْجِلُ فِي الأَقْيَادِ، بَعْدَ الْخَيْرِ وَالسَّعَةِ وَالْخَفْضِ وَالدَّعَةِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلانُ، صَرِيخُ الأَخْيَارِ، وَمُنْجِي الأَبْرَارِ، النَّاسُ فِي دَوْلَتِنَا فِي رَخَاءٍ، وَنْحَنُ مِنْهَا فِي بَلاءٍ، حَيْثُ أَمِنَ الْخَائِفُونَ، وَرَجَعَ الْهَارِبُونَ، رَزَقَنَا اللَّهُ مِنْكَ التَّحَنُّنَ، وَظَاهَرَ عَلَيْنَا مِنْكَ التَّمَنُّنَ، فَإِنَّكَ أَمِينٌ مُسْتَوْدَعٌ، وَرَائِدٌ مُصْطَنَعٌ.
فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهُ خَافَهُ فَقَتَلَهُ.
حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي، مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفَسَهِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا ظَهَرَتِ الْمُسَوِّدَةُ، فَقَالَ لِي: يَا عَمْرُو أقُتِلَ مَرْوَانُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
1 / 180