Akhbar Muwaffaqiyyat
الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار
Chercheur
سامي مكي العاني
Maison d'édition
عالم الكتب
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤١٦هـ-١٩٩٦م
Lieu d'édition
بيروت
وَوَضَرُ الدِّبْسِ، وَمَاءُ الأُكْشُوثِ، قَبَّحَ اللَّهُ ذَلِكَ شَرَابًا، مَا أَثْقَلَهُ لِلْجَوْفِ، وَأَضَرَّهُ بِالأَعْلاقِ النَّفِيسَةِ، ثُمَّ يَأْتِي وَقْتُ الْكَيْلِ، فَمِنْ بَيْنَ رَقَّامٍ، رَقَّمَ اللَّهُ جِلْبَابَهُ بِالْمَذَلَّةِ وَالْهَوَانِ، وَمِنْ بَيْنَ كَيَّالٍ، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْوَيْلَ، لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ [المطففين: ١] مَا يُبَالِي أَحَدُهُمْ عَلَى مَاذَا يُقْدِمُ.
وَلَقَدْ سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ يَسْأَلُ قُضَاتَهُ، وَكُلُّهُمْ بِالْحَضْرَةِ، هَلْ عَدَّلْتُمْ كَيَّالا قَطُّ؟ فَكُلُّهُمْ قَالَ: لا.
فَإِنْ أُطْعِمُوا الْجِدَاءَ الرُّضَّعَ وَنِقْيَ الْخُبْزِ مِنْ دَسْتُمَيْسَانَ وَوُهِبَتْ لَهُمُ الدَّرَاهِمُ، ظَفَرَ الْمُكِيلُ بِحَاجَتِهِ.
وَوَيلٌ يَوْمَئِذٍ لِقُبَّةِ السُّلْطَانِ مِمَّا يُحْمَلُ إِلَيْهَا مَنَ الْقِشْبِ وَالْقَصَرِ، وَيُحْشَى مِنَ التِّبْنِ وَالدَّوْسَرِ.
ثُمَّ قَالَ: يَا قَوْمُ، لِمَ أَسْهَبْتُ فِي ذِكْرِ هَؤُلاءِ، وَمَا الَّذِي هَاجَ هَذَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ حَتَّى خُضْتُ فِيهِ؟ أَمَا كَفَانِي أَنِّي قَائِمٌ عَلَى إِحْدَى رِجْلَيَّ.
فَقَالُوا: هَذَا مِنْ أَجْلِ السُّكْرِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي خِزَانَتِكَ.
قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ إِذَا كَانَ وَكِيلِي يَتَشَاغَلُ بِزَوْجَتِهِ وَبَنَاتِهِ، وَمَصَالِحِ حَالِهِمْ، مَتَى يُفْرِغُ النَّظَرَ إِلَى مَصَالِحِ خِزَانَتِي؟ وَاللَّهِ لَقَدْ حُدِّثْتُ أَنَّهُ حَلَّى بَنَاتَهُ بِأُلُوفِ الدَّنَانِيرِ، وَأَنَّهُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَخْرِجِي الأَعْيادَ، وَأَدْخِلِي الأَعْرَاسَ، وَسَلِي عَنِ الرِّجَالِ الْمَذْكُورِينَ، وَاطْلُبِي الْمَرَاضِعَ الْمَعْرُوفَةَ بِالأَنْسَابِ الرَّضِيَّةِ، وَالأَخْلاقِ الْجَمِيلَةِ لِبَنَاتِكْ، وَأَخْرِجِيهِنَّ فِي الْجُمُعَاتِ يَتَفَحَّصْنَ مَجَالِسَ الْعُزَّابِ وَيَخْتَرْنَ أُولِي الأَنْسَابِ، أَلَمْ يُرْوَ عَنِ الثِّقَاتِ أَنَّهُمْ كَرِهُوا خُرُوجَ الأَبْكَارِ فِي الْجُمُعَاتِ الَّتِي فَرَضَ اللَّهُ فِيهِنَ السَّعْيَ إِلَى ذِكْرِهِ؟ فَنَبَغَ قَوْمٌ مِنَ الْبِدَعِيَّةِ، خَارِجَةٌ خَرَجَتْ، وَمَارِقَةٌ مَرَقَتْ، وَرَافِضَةٌ رَفَضَتِ الدِّينَ وَأَهْلَ الدِّينِ، فَتَرَكُوا فَرْضَ اللَّهِ ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴿٣٠﴾ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٠-٣١] وَقَدْ رُوِينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيِهِ وَآلِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَلا اثْنَيْنِ أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «إِنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا، فِي يَوْمِي هَذَا مِنْ عَامِي هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهَا وَجُحُودًا لَهَا فَلا جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ، وَلا بَارَكَ لَهُ فِي أَهْلِهِ، وَلا حَجَّ لَهُ، وَلا جِهَادَ حَتَّى يَتُوبَ، فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» .
ثُمَّ قَالَ: يَا قَوْمُ، مَا الَّذِي حَرَّكَنَا عَلَى هَذِهِ الْعِصَابَةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ؟ قَالَوا: السُّكَّرُ الطَبَرْزَدُ.
قَالَ: أَجَلْ، وَاللَّهِ مَا أَحْضَرْتُمُونِي أَلْفًا مَنْ سُكَّرٍ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ، أَيَا صُبْحُ، أَيَا فَتْحُ، أَيَا نَصْرُ، أَيَا نُجْحُ، بَادِرُوا إِلَى مَوْلاكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ تَعِبَ وَنَصِبَ وَلَغَبَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسَبُ أَنَّ الثُّريَّا مُقَابِلَةٌ سَمْتَ رَأْسِي، ذَهَبَ وَاللَّهِ اللَّيْلُ وَجَاءِ الْوَيْلُ، وَيْلُكُمْ أَدْرِكُونِي فَإِنِّي أُرِيغُ نَوْمَةً وَلا بُدَّ مِنَ الْبُكُورِ نَحْوَ الدَّارِ.
1 / 14