Nouvelles de la Mecque vénérée
أخبار مكة المشرفة
Chercheur
رشدي الصالح ملحس
Maison d'édition
دار الأندلس للنشر
Lieu d'édition
بيروت
الْحُسَيْنِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِمَكَّةَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَأَنَا وَرَاءَهُ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ شَرْجَعٌ مِنَ الرِّجَالِ، يَقُولُ: طَوِيلٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى ظَهْرِ أَبِي، فَالْتَفَتَ أَبِي إِلَيْهِ، فَقَالَ الرَّجُلُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ، فَسَكَتَ أَبِي، وَأَنَا وَالرَّجُلُ خَلْفَهُ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ أُسْبُوعِهِ فَدَخَلَ الْحِجْرَ، فَقَامَ تَحْتَ الْمِيزَابِ، فَقُمْتُ أَنَا وَالرَّجُلُ خَلْفَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْ أُسْبُوعِهِ، ثُمَّ اسْتَوَى قَاعِدًا، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقُمْتُ، فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَيْنَ هَذَا السَّائِلُ؟ فَأَوْمَأْتُ إِلَى الرَّجُلِ، فَجَاءَ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي، فَقَالَ لَهُ أَبِي: «عَمَّا تَسْأَلُ؟» قَالَ: أَسْأَلُكَ عَنْ بَدْءِ هَذَا الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَيْتِ لِمَ كَانَ، وَأَنَّى كَانَ، وَحَيْثُ كَانَ، وَكَيْفَ كَانَ؟ فَقَالَ لَهُ أَبِي: «نَعَمْ مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟» قَالَ: مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: «أَيْنَ مَسْكَنُكَ؟» قَالَ: فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: «فَهَلْ قَرَأْتَ الْكِتَابَيْنِ؟» يَعْنِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، قَالَ الرَّجُلُ: نَعَمْ، قَالَ أَبِي: " يَا أَخَا أَهْلِ الشَّامِ، احْفَظْ وَلَا تَرْوِيَنَّ عَنِّي إِلَّا حَقًّا، أَمَّا بَدْءُ هَذَا الطَّوَافِ بِهَذَا الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ ﵎ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠] فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: أَيْ رَبِّ أَخَلِيفَةٌ مِنْ غَيْرِنَا، مِمَّنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَيَتَحَاسَدُونَ، وَيَتَبَاغَضُونَ، وَيَتَبَاغَوْنَ؟ أَيْ رَبِّ اجْعَلْ ذَلِكَ الْخَلِيفَةَ مِنَّا، فَنَحْنُ لَا نُفْسِدُ فِيهَا، وَلَا نَسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَلَا نَتَبَاغَضُ، وَلَا نَتَحَاسَدُ، وَلَا نَتَبَاغَى، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، وَنُقَدِّسُ لَكَ، وَنُطِيعُكَ، وَلَا نَعْصِيكَ " فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا
1 / 33