ولا يذكر مصدر أحمد بن سهل [١] إلى متى امتدت إقامتهم في الحبشة ولكنه يقول إنّ يحيى وإدريس كانا آخر من بقي في الحبشة، وإنّهما خرجا منها إلى فرع المسور حيث أقاما زمنا يتشاوران في أمرهما بعد أن تناهى إليهما ما كان حلّ بمن خرج قبلهم من الحبشة. ثم يفرد بعض الصفحات لذكر أخبار هؤلاء، فنجد أنهم جميعا قتلوا أو انتهوا في المطبق زمن موسى الهادي، وهذا يتيح لنا أن نفترض أنّهم بقوا في اختفائهم حتى انتهاء خلافة الهادي، وكان موته لأربع عشرة ليلة خلت في شهر ربيع الأوّل سنة ١٧٠/ ٧٨٦. ممّا يعني أنّ الآخرين بقوا في الحبشة أقلّ من ثلاثة أشهر. وثمة اضطراب زمني في هذه الرواية، فهي تذكر أنّ إبراهيم بن إسماعيل طباطبا عاد من الحبشة وقد ولد له أكابر ولده فيها، ثم صار إلى المدينة متخفيا حينا وولد له بقية ولده ثم نزع إلى الكوفة حيث وشي به وطرح في السجن. ولا يعقل أن يكون كل هذا قد تمّ في فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر [٢]! على أية حال نجد أن الأخبار عمّن قتل من الطالبيين على يد موسى الهادي فيها الكثير من «الدرامية» في تصوير مصارعهم وبطولتهم في وجه الطغيان.
أمّا فرع المسور [٣] حيث أقام يحيى وإدريس بعد عودتهما من الحبشة فهو على مرحلة من المدينة قرب سويقة بني الحسن، وينسب إلى المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف [٤]. وقد عمدا بعد عودتهما إلى ترتيب أمورهم ولقاء الدعاة، فنجدهم بعد حين في شعب الحضارمة-ولم أجد ذكرا لهذا الموضع-وفي أخبار
_________
[١] وهو محمد بن منصور المرادي الذي يروي عن الامام القاسم الرسي؛ والمرادي كوفي ويعتبر من علماء الزيدية الأوائل توفي سنة ٢٩٠/ ٩٠٣، انظر عنه Asiatische Studien ٧٤(٣٩٩١)،٢٨٢. Imam al-Qa؟sim ٠٨ - ٥٨;Gu؟nther،Quellenuntersuchungen ٢٠٢ ff .،M .JARRAR،in: W .Madelung،Der:
[٢] يذكر الطبري أن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا ظهر من اختفائه سنة ١٧٠، تاريخ الطبري ٨/ ٢٣٤ (-٣/ ٦٠٤).
[٣] خلاصة الوفا للسمهودي ٥٩١؛ والمغانم المطابة ٣١٧، حاشية ٣.
[٤] له ترجمة في تهذيب الكمال ٢٧/ ٥٧٨ - ٥٧٩.
1 / 57