باعوا نفوسهم وأموالهم لله، ورغبوا في عاجل لقاه، لينالوا الحياة الآجلة الأبدية التي لا يصطفي الله لها من خلقه إلاّ خيارهم الذين يتّخذهم شهداء.
والشهادة في سبيل الله هي التجارة الرابحة التي تتضاءل أمامها كل أنواع التجارات، قال تعالى-: ﴿يَا أَيُّةا الَّذِينَ آمَنُوا ةلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَفيرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِةا الْأَنْةارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَؤزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَةا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ١.
ولقد علم السلف الصالح منزلة الجهاد في سبيل الله، فجاهدوا في سبيله طمعًا في الوصول إلى أعلى المراتب عنده، حتى كان أحدهم يرمي التمرات من يده مسرعًا إلى الله بنفسه. فأنالهم الله من النصر والعزّ والتمكين ما سادوا به العالم، فما بقي في أغلب الأرض إلاّ مسلم أو خاضع لحكم الإسلام.
ولكن الخلف أخذ يبتعد عن دين الله، ويفرط في الدعوة إلى الله شيئًا فشيئًا، ويقعد عن الجهاد في سبيل الله قليلًا قليلًا حتى أضاع الأمانة التي حملها، ففقد العزّة التي كانت تصاحبها، فعاد الكفر يصول ويجول، وعاد الإسلام غرييًا كما بدأ.
فأصبح المسلمون- مع كثرتهم- غثاء كغثاء السيل، نزع الله المهابة من قلوب أعدائهم ووضعها في قلوبهم ٢.
ولكن الأمّة لم تخل من أئمّة يضيئون للناس الدرب، ويدفعون بهم إلى التمسّك بهذا الدين والدعوة إليه وجهاد أعدائه، متّخذين من كتاب الله وسنّة رسوله ﷺ ما يعطي الناس التصوّر الصحيح لهذا الدين وللجهاد في سبيل إعلائه.
_________
١ - سورة الصف/ الآيات: من ١٠ - ١٣.
٢ - أنظر: عبد الله القادري- الجهاد في سبيل الله: ١/ ١٣.
1 / 8