أني أخبرك عن أمر جلا عني الغشاء وكشف عني الغطاء وأذهب عني الشك، إنه لما جاء الخبر بالليل أن عساكر وريون وغيره انهزمت في "تراغن" (¬1) جاءني الخبير بذلك وهو عبد الله بن عبيدس الشباهي، وكان لي صديقا مصافيا وخليلا مواتيا فأيقظني من نومتي وأنا مريض بمرضي، وقد كنت مريضا ذلك أربعة أيام، فذكر لي الخبر أن العساكر قد انهزمت، وأن وريون وإبراهيم بن أسدين قد جاءا كلاهما مهزومين وقد نزلا في بيت أبي الروس. فقلت أكذلك الخبر؟ قال : نعم. فقمت مبادرا واتكأت على رمحي فدخلت الدار التي فيها وريون و إبراهيم فوقفت عليهما وأخذت منهما تصحيح الخبر، فرجعت / إلى داري فلقيت رجالا يقصدون الدار دار أبي الروس للخبر. فقلت :إرجعوا فإن معي لكم الخبر، فعجزت قوتي عن البلاغ إلى داري فاعتمدت على رجل من قرابتي حتى جئت داري واضطجعت على فراشي فجعلت أقص الخبر عن القوم فبينما أنا كذلك إذ أتاني رجال من أهل "زريعة " معهم مصطار بن عبدوس وغيره فقالوا : إن كانت لك طاقة بالثبوت على الحمار فارحل بنا ساعتنا إلى "زريعة" : فقلت : بل إصبروا أطيق ذلك. فعملت على الخروج إلى "زريعة " ساعتئذ بلا أن أستشير رجلا في ذلك. فخرجت حتى فصلت خارجا من "شباهة "، وتفكرت في خرجتي من "شباهة " بلا مشورة مشير فألزمت نفسي أمرا ثم هممت بالرجوع فخفت على ما معي من العبيد وغير ذلك. فرجعت إلى نفسي وقلت : يا نفسي، خرجتك هذه إنما هي خرجة قضاها الله، وقد كنت أعرف أن فيما قضى الله الخيرة كان ذلك فيما كرهت أو أحببت، فامض على ما قضى الله وأحسن الظن بالله، فإن ما علمت فيما مضى أن الخيرة فيما قضى الله، والعلم علم التجارب.
Page 66