الله، من رجل من إخوانه السلام عليك ورحمة الله، وأوصيك ونفسي بتقوى الله. كتابي إليك بعدما بلغني أنك تزوجت امرأة من قرابتك / وهي إبنة عمك. فالحمد لله على ما هيأ لك من أمرها وكفاك الكثير من مهم أمورها. وهناك الله كرامته، وألبسك عافيته وأسأل الله أن يذلل لك صعوبتها، ويرزقك منها الود والذرية الطيبة، ويجعلها لك أنسا تسكن إليها، وعونا على دنياك بحسن تدبيرها، ولا أحرمك الله من ذلك ما اختص به أولياءه فإن الرجل حسن جميل أن تكون له زوجة أو ذرية طيبة. ولأن الرجل إذا تزوج فقد حصن نصف دينه، وما كان له من ولد فهم قوة للإسلام. ولقد قال الله تعالى في أفضل خلقه : { ولقد أرسلنا من قبلك رسلا وجعلنا لهم أزواجا وذرية } (¬1) فقد طال مكثك بلا زوجة، وقد إستبطأنا ذلك منك ورجونا لك من الله - مع ذلك - التوفيق والسداد، فتزوجتها على أحسن التزويج أمرت به الفقهاء من كفك عن الدخول في المهر الثقيل وقد صدق الله ظنك به، وقديما كنا نسمع منك إذا نحن خاطبناك في هذا الأمر وما أبطأت عنه من النكاح، تقول :
وأني لأرجو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانع
ونحوه من القول. وكنت تقول : سيجعل الله بعد عسر يسرا. والحمد لله الذي وفقك وهداك، وأسأل الله لنا ولك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشاد. غير أني أكلمك كلام سائل متثبت لا كلام عابث متعنت، إني كنت أسمعك تفتي في مسائلك أن تزويج ربيبة الأب للإبن، أن ذلك مكروه، وكنت تذكر ذلك عن جابر بن زيد رضي الله عنه. وقديما كانت عليك هذه الجارية أن تتزوجها فيمنعك ما قد بلغك عن جابر. وقد كنت أسمع أيضا تفتي فيها بأرخص من هذا عن جابر. فأخبرني بالذي حملك اليوم على تزويجها، وأخذت بقول غيره بعدما كنت أخذت بقول جابر.
Page 65