حتى يكون على اليقين المجرد. ولو أطاع الناس الشيطان فيما يدخل عليهم من الشكوك لأفسد عليهم دينهم ودنياهم ولم يصف لهم عمل. وقد بلغنا أن رجلا سأل فقيها من المسلمين وذلك أنه وقع في نفسه أنه فارق امرأته وشك في ذلك، فوسوس إليه الشيطان ألا يقيم على ريبة وأن يفارق امرأته فسأل عن ذلك فقال له المسئول : طلق امرأتك(...) (¬1) فقال له : بماذا ؟ فقال له : يا لكع، أنا آمرك أن تطلق امرأتك فتقول بماذا، والشيطان يأمرك أن تطلقها فتفعل ذلك! لو جرى الناس معه لنغص عليهم حلالهم وخبث عليهم أنفسهم.
وقد بلغنا عن السلف أنهم قالوا : من كثرت أيمانه ولم يذكر حيث حنث أنهم قالوا يكفر عن ما حفظ أيمانه و أما ما شك فيه فلا كفارة عليه فيه. ولولا أن يطول الكتاب لشرحنا لك في مثل هذا كثيرا. وفيما ذكرنا كفاية فامض على ما كان عليه ضميرك الأول فإذا تماديت على ذلك أيس منك فاقطع ذلك عن نفسك. قد بلغنا أن النبي عليه السلام إذا اجتمع عليه أمران أخذ بأيسرهما (¬2) ، والييسر أحب إلى الله، وقد قال الله لقوم : { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم } (¬3) فلم يعاقبهم إلا بالتمادي باليقين
... (2) وذكرت في رجل بين ظهراني قوم يرون أن يجبروا الناس في الخروج إلى المحاربة . فسرق له عبد فبلغ ذلك الأمير / فحشد من الناس رجالا كثيرا. هل ترى لهذا الرجل الذي سرق عبده أن يخرج معهم ولا يعينهم على ما هم فيه بشيء إلا أنه يتبعهم، فإذا نزلوا نزل وإذا ساروا سار وكف.
Page 57