حكم وضعه إبليس في الأرض فيما بلغنا. وقد كفاك الله السؤال عن ذلك فقال : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } (¬1) وقد قال لعبد أثنى عليه ورضى حكمه { معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده } (¬2) هذا وقد بذلوا له أنفسهم فأبى أن يقبلهم فكيف يجبرهم عن ذلك ؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لايؤخد الأب بجريرة إبنه ولا الإبن بجريرة أبيه ) (¬3) فاتقوا الله واصبروا على دينكم، ولا تغيروا سيرة أسلافكم فإنه يقال : يأتي من الناس زمان لا يبقى في أيديهم من دينهم إلا ما وافق دنياهم. والصبر نصف الإيمان. قال الله : { إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } (¬4) وإنما قالت الملائكة لأهل الجنة { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار} (¬5) فعوا أنه بالصبر ورثوا نعيما، وملكا دائما.
(9) وعن من يعين السلطان في بعض أموره، ولم يفرض له من الصدقات شيئا ترضى به نفسه، وإن أعطاه السلطان شيئا يقول بقدرعناه، ولكن الرجل يقول عنائي يستوجب أكثر من ذلك، أولا ترى أن يرفع ذلك إلى من ينظر فيما بينهما لا وكس ولا شطط ، لأن السلطان عنده بخيل.
أو أرأيت إن رفع الرجل نفسه عن معونته، ولم ينقم عليه إلا ما أخبرتك عن شحه عليه، ولم تفرض له فوجد في نفسه بذلك ويحسب ذلك رجلا (¬6) من سخرة يسخره في إستعانته إياه. ويحتشم الرجل أن يرد عليه طلبته منه، هل يكون في سعة من ذلك أن يرفع نفسه عن معونة السلطان إلا بشيء معلوم.
قال : إنما الصدقات لمن سماها الله. وأما من طلب الإجارة في معونته للسلطان فلا نعلم هذا في شيء من سيرة من مضى ولا تحل الإجارة على القيام بأمر الله .
Page 50