قال : أما ما ذكرت من أمور الدماء والخروج في طلب من ذكرت فإن ذلك يفوقني، وليس مثلي يسأل (¬1) عن ذلك. ولا أعلم اليوم أحدا تسخو نفسي أن أسفك به الدماء لذهاب العلماء. وذلك أن النبي عليه السلام إنما ولي سيف العرب المشركين، وولي بعده أبو بكر الصديق قتال أهل الردة، وولي عمر بن الخطاب أهل الملل من أهل الذمة وغيرهم. وذلك أن الله بعث نبيه عليه السلام بأربعة أسياف. و مات عليه [السلام] (¬2) وأبو بكر وعمر وهم الذين ولوا قتال ثلاثة أسياف يطول بذكر تفسيرهم الكتاب، وذلك مفهوم من القرآن. وسيف أهل القبلة فوليها علي بن أبي طالب مع صدر من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهو الذي سنها وسن السيرة فيها. وهو قوله : لولا أنا من كان يسن قتال أهل القبلة ويسن السيرة فيها، لولا أنا من كان يقاتل عائشة وطلحة والزبير ؟ فولي قتال الفئة الباغية. وكان إذا صاف العدو بعدما دعاهم إلى كتاب الله وسنة نبيه فعاندوا ولم يذعنوا لحكم الله و رسوله، وكان علي يقول لأصحابه : كفوا عن القوم حتى يبدؤوكم،فإن قتالهم بعدما يبدؤوكم حجة أخرى لكم عليهم. ويقول : لا تطلبوا مدبرا ولا تجيزوا على جريح، ولا تمثلوا بقتيل، ولا تدخلوا بيتا بغير إذن، لأن من وجب عليه القتل بالحد الذي أمر الله به لم يكن للمسلمين سبيل على ماله وولده/ ولم يستحلوا منه ما كان حراما قبل حدثه. وذلك أن القتل من الحدود ولا يقيم الحدود إلا الأئمة العادلة. ولا يقاتل بالناس إلا من هو أولاهم بالله لتكون كلمة الله هي العليا ليعلو الحق على الباطل، ولا يجترأ على الدماء التي حرم الله بالقرآن بتحليلها بالقرآن بالحدث الذي جعل الله به سبيل على المجترحين.
Page 46