آه أيها الحب! ما أقسى عذاب من يدينون بك!
وكيفما كان مركز ألبرت، فإن تلك السعادة التي أذاقنيها وجود شارلوت بجانبي يجب أن تتلاشى الآن. أضعف هذا أم حب وافتنان؟ ادعه كما تريد. وا حزناه! إنني أعلم أنني أشعر بالحقيقة؛ لقد علمت قبل مجيء ألبرت ما أعلم الآن، علمت أن لا حق لي فيها، ولم أزعم لي ملكا؛ لأن كل سلوكي - اللاحق لي فيه - كان أثرا من آثار محاسنها القاهرة. والآن ما أشد دهشتي، بل ما أشد حمقي حين ظهر صاحب الكنز الحقيقي، واضطررت أن أنفض يدي مما لم يكن لي قط في يوم ما. إنني أندب حظي وأحتقر ضعفي، ولكنني أمقت كل المقت هؤلاء الناس الذين قد بردت طباعهم، يلحون وهم جادون هادئون بوجوب التسليم والصبر، متى لم نجد لدائنا دواء. إنني لا أحتمل هؤلاء الفلاسفة المدعين، هؤلاء الوعاظ المضحكين.
أذهب هائما في الغابات، ثم أعود متعبا إلى شارلوت فأجدها مع ألبرت، تحت خميلة من الزهر داخل الحديقة، فأذهل وآتي فعال الأطفال، وألعب من المضحكات ألف دور، وقد قالت لي شارلوت اليوم: «بالله عليك! ألا هدأت من نفسك، إن عواطفك الهائجة مزعجة مثيرة.» بل أنا أعترف لك أيها الصديق أنني أرقب في الأيام الأخيرة حركات ألبرت، فإذا ما دعاه داعي العمل، انسللت إلى شارلوت، وهناك حين أجدها منفردة أشعر بسعادة لم أعرفها قط.
الرسالة التاسعة والعشرون
8 أغسطس
ثق أيها الصديق أنني حين أنحيت على هؤلاء الذين قد يقدمون نصيحتهم الباردة، وقلت إنني لا أطيق هؤلاء الوعاظ المضحكين، لم أكن أحسبك واحدا منهم، ولكن هناك بعض الحق فيما تقول. وعلى أية حال، فلدي اعتراض واحد: إذا اقترح طريقان متضادان ندر أن يسلك أحدهما. إن أعمالنا وآراءنا تختلف اختلافا بينا، اختلاف أشكالنا وملامحنا، فلا يسوءنك أن أعترف بصحة استنتاجاتك، ثم أسلك طريقا وسطا لأتجنب العمل بها. أنت تقول إنه إما أن يكون لي أمل في الوصول إلى شارلوت أو لا، إذا فما هي النتيجة؟ في الحالة الأولى علي أن أواصل السعي، فلا أترك فرصة تفوتني للحصول على طلبتي، وفي الحالة الثانية، تقول إن علي أن أكون رجلا فأنسى ارتباطا منكودا كهذا، خاتمته هلاك مؤكد. كل هذا أيها الصديق حق لا ريب فيه، ولكن اسمح لي أن أقول لك ما أسهل القول بالتنازل والتسليم، وما أصعب العمل به! وهل تطلب من شقي فان، قد أضنته السقام تحت في كيانه على مر الأيام، أن يختم شقاءه دفعة واحدة بجرعة سم أو طعنة خنجر؟ أليس المرض الذي يحرمه القوة الجسمية هو نفسه الذي يحرمه أيضا ذلك الثبات العقلي الذي يعوز العمل الجريء؟ قد تقابل هذه المقارنة بتشبيه جديد، فتقول ومن يحجم عن بتر عضو منه في سبيل سلامة حياته؟ قد يكون ذلك، فلست أدري بماذا أجيب. بل اعلم أيها الصديق أنني صممت مرارا على الابتعاد عن الخطر، ولكنني لم أجد ما ألجأ إليه.
بقية
رأيت من مذكراتي التي أهملتها منذ وقت ما ثم فتحتها صدفة، أنني كنت ألاحظ كل حادث صغير وأعنى بدقائقه، وإنني لتدهشني تلك الحدة في الذهن، لاحظت بها كل شيء، وتلك الطفولة في أعمالي، إن آرائي باقية كما هي، ولكنني لا أرى لي في الشفاء أملا.
الرسالة الثلاثون
10 أغسطس
Page inconnue