Ahmad Orabi, le leader calomnié
أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه
Genres
8
وفي الإسكندرية قوبل الخديو بفتور، وقد أطلقت المدافع تحية له واصطف الجند على الجانبين حتى سراي رأس التين، وقد وجل الناس عند سماع المدافع؛ ولم يكونوا يعلمون بمجيء الخديو، وظنوها مدافع الحرب ...
وزاره القناصل في سراي رأس التين عدا قنصلي فرنسا وإنجلترا؛ إذ كانا بالقاهرة، فأعرب لهم عن أسفه لما حدث يوم الفتنة، ووعدهم بأن يوجه عنايته حتى لا يحدث شيء من هذا في المستقبل ...
وسرعان ما ذاع في الإسكندرية أن الخديو أسر إلى كلفن أنه لا يأمن تجدد الفتن، وأن بعثة درويش قد أخفقت ، وأنه لا بد من مجيء جنود عثمانية، وكان ذلك ردا على ما أثنى به درويش على رجال الجهادية.
9
ويورد عرابي في مذكراته أن الخديو طلب جنودا إنجليزية؛ «لأنه لا يصح أن يطلب جنودا عثمانية من عامل إنجليزي مثل كلفن».
ووقع ما أسر به الخديو إلى كلفن وقعا مؤلما في النفوس وعادت إليها عوامل الخوف، وزادت هجرة المهاجرين من الأجانب في حالة أشبه بالذعر كأنما تنتظر الحرب بين ساعة وساعة، أو ترتقب فتنة أشد هولا من الفتنة السالفة ...
وتتابعت هجرة الأوربيين من الإسكندرية والقاهرة ومدن أخرى، حتى ضاقت بهم عربات القطارات وازدحمت القوارب والسفن، ورأى عرابي أن يدعو الناس إلى الاطمئنان فأصدر بلاغا يقول فيه: «ناظر الجهادية أحمد باشا عرابي يعلن كل سكان القطر المصري من المصريين والأوربيين رسميا أن الحضرة الخديوية الفخيمة كفلت الأمن والراحة في جميع جهات القطر المصري أمام حضرات قناصل الدول المتحابة، وتكفل ناظر الجهادية أيضا بصيانة الأرواح والأموال وحفظ سكان البلاد على اختلاف طبقاتهم ومعتقداتهم وتابعيتهم، وقد انتقل الجناب الخديو إلى الإسكندرية بعائلته؛ لدفع الأوهام من الأفكار واطمئنان القلوب، وبقي ناظر الجهادية بمصر؛ لمراقبة الأحوال وصيانة البلد، وكتب لأمراء العسكرية في سائر الجهات ببث الراحة والسهر على حفظ الأمن وصيانة النفوس، وعلى هذا فديوان الجهادية يعلن الجميع؛ حفظا للأفكار من الأراجيف والإشاعات الكاذبة».
10
وظل عرابي في القاهرة، وكان بيته حسب المعتاد يمتلئ كل يوم بالناس وفي مقدمتهم زعماء الحركة الوطنية ومن أبرزهم نديم ومحمد عبده والهجرسي والشريعي والسيد حسن العقاد، وكبار رجال الجيش مثل البارودي وعبد العال وعلي فهمي وكان حديث هؤلاء لا ينقطع عن موقف توفيق من الأجانب وخاصة منذ سفره إلى الإسكندرية، وعن نيات درويش، الذي كان يكرهه نديم أشد الكره ويوجس منه خيفة، وطالما أعلن إلى أصحابه أنه لا يأمن الأتراك بوجه عام ولا يدري هل جاء درويش للقضاء على عرابي أم للقضاء على توفيق ...
Page inconnue