Ahmad Orabi, le leader calomnié

Mahmoud Khafif d. 1380 AH
133

Ahmad Orabi, le leader calomnié

أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

Genres

ولقد أشرنا إلى بعض ما كان يدبره مالت وكوكسن وأشياعهما، ونكرر هنا الإشارة إلى برقية كوكسن الخبيثة بأن تصادما سوف يقع بين المسيحيين وبين المسلمين، وكذلك نعيد الإشارة إلى ما أرسله مالت إلى جرانفل في اليوم السابع من مايو، ومؤداه أنه لابد من حدوث ارتباكات قبل تسوية المسألة المصرية، وأن الأصوب استعجال هذه الارتباكات لا تأجيلها.

13

ونعود بالقارئ إلى ما سقناه من أدلة على أن المأساة مدبرة، وخاصة تسليح الأجانب أنفسهم ، ولنبسط القول بعض البسط في هذه المسألة، فنقول إن كوكسن كان دائب السعي في تسليح الأجانب، وخاصة الإنجليز كما هو ثابت صراحة في الكتاب الأزرق، وقد اتصل بالسير سيمور أكثر من مرة كما اتصل بالسير إدوارد مالت مرات، وكان يقول لمالت كل مرة إنه يحرص على سرية هذا التسليح مخافة أن يحدث ذعرا إذا عرف، والواقع أن الغرض منه كان تبييت الغدر حتى تحين الساعة المقصودة ...

وليس يخفى ما ينطوي عليه هذا التسليح من تحريض على الفتنة بطريق الإيحاء، ولعل ذلك ما دعا مالت إلى شيء من التحفظ ليفلت من التبعة، ويتضح هذا التحفظ في برقية منه إلى اللورد جرانفل يوم الفتنة بالذات إذ يقول: «لي الشرف أن أذكر لفخامتكم أن قنصل السويد العام وصل اليوم من الإسكندرية، وعرض علي مشروعا للدفاع العام عن الأجانب، ورغب في موافقة ممثلي الدول عليه. وقد أجمع الممثلون على أن تسليح ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف تمهيدا لهذا الدفاع عمل بالغ الخطورة، وأنه بجانب ذلك عمل في ذاته يفضي إلى التصادم في أي وقت، وعلى ذلك فقد اتصلوا بقناصلهم كيلا يشاركوا في شيء من هذا. وبناء على ذلك أبرقت إلى مستر كوكسن ألا يشارك بعد الآن في شيء منه، وفي حال ما إذا خيف الخطر على البريطانيين فعليه أن يعتمد على مساعدة الأدميرال، وأن يعمل حسبما يشير به من نصائح، ولما وجدت الأمر يقضي أن تبقى تعليماتي سرية إذ إنها تتصل بالرجوع فجأة عن خطة بانت معلومة إلى حد ما، فقد أشرت على مستر كوكسن بأن يجعل ما سلف من الأمور السرية، وفي الوقت نفسه عليه أن يحاول أن يقضي على المخاوف بأن يذيع أنه ليس ثمة نزاع بين الوطنيين والأجانب، وأن المفاوضات في الوقت الحالي في يد درويش باشا المندوب العثماني الذي يعمل باسم السلطان. وطلبت إلى مستر كوكسن أن يطلع على هذه التوجيهات الأدميرال السير. ب. سيمور.»

وأدعى من هذا التسليح إلى إثارة الشبهة موقف الإنجليز من التحقيق الذي أزمعت وزارة راغب باشا إجراءه عقب تأليفها ...

أراد الإنجليز أن يعزوا هذه المأساة إلى عرابي، ولم يعنوا بالبحث عن الحقيقة في ذاتها، وقبلت ضمائرهم أن يتجهوا هذا الاتجاه وهم الذين طالما عابوا على الشرقيين انحطاطهم وتفاخروا عليهم بمدنيتهم، أرسل جرانفل إلى مالت يقول له: «أطلب إليك أن تتخذ الخطوات التي تؤيد هذا الدليل، وخاصة ما يتصل منه بمسلك نديم ووكلاء عرابي وعلاقة قنديل بعرابي.»

ثم تلقى كارتريت نائب قنصل الإسكندرية من جرانفل برقية بتاريخ 24 يونية، وفيها يقول: «لقد ذكر في الصحف العامة أن راغب باشا أمر بإجراء تحقيق في الاضطرابات التي وقعت بالإسكندرية يوم 11 الحالي، وإذا كان الأمر كذلك فإن حكومة جلالة الملكة ترغب منك أن تقف بمنأى عن هذا التحقيق، وعليك أن تخبر قنصل جلالتها بما تلقيت من توجيهات في هذه المسألة.»

ونفذ كارتريت ما أمر به، وأغرى زميله القنصل الفرنسي بأن يسلك مسلكه، وكان سبب انسحاب هذين من لجنة التحقيق أن اللجنة أرادت أن تفتش منازل الأجانب والوطنيين على السواء، وكان أولى بهما لو أرادا إنصافا أن يزدادا اطمئنانا إلى عدالة اللجنة بهذا القرار، وأن يجعلاه سببا لانضمامهما إليها لا لابتعادهما عنها ...

وعرض راغب باشا على الأجانب أن يؤلفوا لجنة جديدة يحدد عملها فرفض كارتريت هذا العرض وأيده جرانفل في رفضه. وفي الوقت نفسه طلب إلى كارتريت أن يجمع المعلومات لحسابه هو، وخاصة ما يتصل منها بمسلك وزارة الجهادية تجاه الحادث، وبما حصل من تأخير في إرسال الجنود إلى أمكنة الاضطرابات.

14

Page inconnue