Les statuts administratifs

al-Mawardi d. 450 AH
133

Les statuts administratifs

الأحكام السلطانية

Maison d'édition

دار الحديث

Lieu d'édition

القاهرة

تَشْكُو إلَيْكَ عَمِيدَ الْمُلْكِ أَرَمَلَةٌ ... عَدَا عَلَيْهَا فَمَا تَقْوَى بِهِ أَسَدُ فَابْتَزَّ مِنْهَا ضِيَاعًا بَعْدَ مَنْعَتِهَا ... لَمَّا تَفَرَّقَ عَنْهَا الْأَهْلُ وَالْوَلَدُ فَأَطْرَقَ الْمَأْمُونُ يَسِيرًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ "مِنَ الْبَسِيطِ": مِنْ دُونِ مَا قُلْتِ عِيلَ الصَّبْرُ وَالْجَلَدُ ... وَأَقْرَحَ الْقَلْبَ هَذَا الْحُزْنُ وَالْكَمَدُ هَذَا أَوَانُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَانْصَرِفِي ... وَأَحْضِرِي الْخَصْمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَعِدُ الْمَجْلِسُ السَّبْتُ إنْ يُقْضَ الْجُلُوسُ لَنَا ... أُنْصِفْكِ مِنْهُ وَإِلَّا الْمَجْلِسُ الْأَحَدُ فَانْصَرَفَتْ وَحَضَرَتْ يَوْمَ الْأَحَدِ فِي أَوَّلِ النَّاسِ، فَقَالَ لَهَا الْمَأْمُونُ: مَنْ خَصْمُكِ؟ فَقَالَتْ: الْقَائِمُ عَلَى رَأْسِكَ الْعَبَّاسُ بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ الْمَأْمُونُ لِقَاضِيهِ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ١، وَقِيلَ: لِوَزِيرِهِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ: أَجْلِسْهَا مَعَهُ وَانْظُرْ بَيْنَهُمَا، فَأَجْلَسَهَا مَعَهُ وَنَظَرَ بَيْنَهُمَا بِحَضْرَةِ الْمَأْمُونِ، وَجَعَلَ كَلَامُهَا يَعْلُو، فَزَجَرَهَا بَعْضُ حُجَّابِهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: دَعْهَا، فَإِنَّ الْحَقَّ أَنْطَقَهَا، وَالْبَاطِلَ أَخْرَسَهُ، وَأَمَرَ بِرَدِّ ضِيَاعِهَا عَلَيْهَا، فَفَعَلَ الْمَأْمُونُ فِي النَّظَرِ بَيْنَهُمَا حَيْثُ كَانَ بِمَشْهَدِهِ، وَلَمْ يُبَاشِرْهُ بِنَفْسِهِ لِمَا اقْتَضَتْهُ السِّيَاسَةُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَهُ رُبَّمَا تَوَجَّهَ لِوَلَدِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ عَلَيْهِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لِوَلَدِهِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْخَصْمَ امْرَأَةٌ يَجِلُّ الْمَأْمُونُ عَنْ مُحَاوَرَتِهَا، وَابْنُهُ مِنْ جَلَالَةِ الْقَدْرِ بِالْمَكَانِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ غَيْرُهُ عَلَى إلْزَامِهِ الْحَقَّ، فَرَدَّ النَّظَرَ بِمَشْهَدٍ مِنْهُ إلَى مَنْ كَفَاهُ مُحَاوَرَةَ الْمَرْأَةِ فِي اسْتِيفَاءِ الدَّعْوَى وَاسْتِيضَاحِ الْحُجَّةِ، وَبَاشَرَ الْمَأْمُونُ ﵁ تَنْفِيذَ الْحُكْمِ وَإِلْزَامَ الْحَقِّ. وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ فِي قُوَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا كِتَابٌ فِيهِ مِنَ الشُّهُودِ الْمُعَدَّلِينَ مَنْ

١ هو أبو محمد يحيى بن أكثم بن محمد بن قطن بن سمعان بن مشنج، التميمي الأسيدي المروزي، من ولد أكثم بن صيفي التميمي حكيم العرب، وعالمًا بالفقه بصيرًا بالأحكام، ذكره الدارقطني في أصحاب الشافعي ﵁. وقال الخطيب في "تاريخ بغداد": كان يحيى بن أكثم سليمًا من البدعة، ينتحل مذهب أهل السنة، سمع عبد الله بن المبارك وسفيان بن عيينة وغيرهما.

1 / 140