Les statuts administratifs

al-Mawardi d. 450 AH
120

Les statuts administratifs

الأحكام السلطانية

Maison d'édition

دار الحديث

Lieu d'édition

القاهرة

فَطَلَبُ الْوِلَايَةِ وَوَصْفُ نَفْسِهِ بِمَا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ مِنْ قَوْلِهِ: ﴿إنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا: حَفِيظٌ لِمَا اسْتَوْدَعْتَنِي عَلِيمٌ بِمَا وَلَّيْتَنِي، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ حَفِيظٌ لِلْحِسَابِ عَلِيمٌ بِالْأَلْسُنِ، وَهَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ سُفْيَانَ، وَخَرَجَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ حَدِّ التَّزْكِيَةِ لِنَفْسِهِ وَالْمَدْحِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِسَبَبٍ دَعَا إلَيْهِ، وَاخْتُلِفَ لِأَجْلِ ذَلِكَ فِي جَوَازِ الْوِلَايَةِ مِنْ قِبَلِ الظَّالِمِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى جَوَازِهَا إذَا عَمِلَ بِالْحَقِّ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ؛ لِأَنَّ يُوسُفَ ﵇ تَوَلَّى مِنْ قِبَلِ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ بِعَدْلِهِ دَافِعًا لِجَوْرِهِ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى إلَى حَظْرِهَا وَالْمَنْعِ مِنَ التَّعَرُّضِ لَهَا لِمَا فِيهَا مِنْ تَوَلِّي الظَّالِمِينَ وَالْمَعُونَةِ لَهُمْ وَتَزْكِيَتِهِمْ بِالتَّقْلِيدِ أَوْ أَمْرِهِمْ. وَأَجَابُوا عَنْ وِلَايَةِ يُوسُفَ ﵇ مِنْ قِبَلِ فِرْعَوْنَ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّ فِرْعَوْنَ يُوسُفَ كَانَ صَالِحًا، وَإِنَّمَا الطَّاغِي فِرْعَوْن مُوسَى. وَالثَّانِي: أَنَّهُ نَظَرَ فِي أَمْلَاكِهِ دُونَ أَعْمَالِهِ. فَأَمَّا بَذْلُ الْمَالِ عَلَى طَلَبِ الْقَضَاءِ فَمِنَ الْمَحْظُورَاتِ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ مُحَرَّمَةٌ يَصِيرُ الْبَاذِلُ لَهَا وَالْقَابِلُ لَهَا مَجْرُوحَيْنِ. رَوَى ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَعَنَ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ١. وَالرَّاشِي: بَاذِلُ الرِّشْوَةِ، وَالْمُرْتَشِي: قَابِلُهَا، وَالرَّايِشُ: الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا.

١ صحيح دون قوله: والرائش.

1 / 127