أنكر الجن والشياطين. وفيه أيضًا الرد على من أنكر أن الجنة مخلوقة الآن، وزعم أنها ستخلق بعد. وقد ذكر بعضهم الخلاف في الجنة التي أسكنها آدم وزجته هل هي جنة الخلود، أو جنة أعدت لهما؟ قال: وذهب من لم يجعلها جنة الخلد إلى أن من دخل جنة الخلد لا يخرج منها، وهذا لا يمتنع إلا أن الشمع ورد أن من دخلها مثابًا لا يخرج منها، وأما من دخلها ابتداء كآدم فغير مستحيل خروجه منها. ورأيت ابن حزم قد ذكر هذا وزعم أن منذر بن سعيد ذهب إليه.
وقد استدل قوم بقصة آدم في أكله من الشجرة بعدج النهي على جواز وقوع المعاصي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واحتجوا بقوله تعالى: ﴿وعصى آدم ربه فغوى﴾ [طه: ١٢١] وهي مسألة قد اختلف فيها اختلافًا كثيرًا لأشياء وردت عن قوم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن قيل: إنما أكلا من غير الشجرة التي أشير إليها، فلم يتأولا النهي. واقعًا على جميع جنسها. وقال آخرون: تأولا النهي على الندب. وقال ابن المسيب: إنما أكل آدم من بعد أن سقته حواء الخمر، فكان في غير عقله. وأما الذين جوزوا المعاصي فقالوا: إنما أكلها عامدًا بخلاف النهي، وما وجد إلى التأويل سبيل فهو الوجه. ووجه التأويل في قوله تعالى: ﴿وعصى آدم ربه فغوى﴾ [طه: ١٢١] أي فعل فعلًا صورته صورة المعصية لأنه في مقابلة النهي، فهو من حيث أنه خلاف الأمر معصية وغواية فإن كان عن عمد وذكر فهو حقيقة، وإن كان عنت تأويل أو عن نسيان أو ذهول ففي إطلاقه تجوز وذهول، وهو الذي يمكن أن يقع من الأنبياء ﵈ ويؤاخذون به إذا وقع منهم.
1 / 57