دليل على أنه لاى يحمل على الندب بل يحمل على الوجوب لأن الله تعالى قد كفره بمخالفة الأمر، وإذا بطل قول الإباحة وقول الندب، بطل قول الوقف. وإبليس لم يختلف أنه كان مؤمنًا حتى عصى الأمر واستكبر، إلا أنه اختلف هل كان من الملائكة أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه كان من الملائكة وأن الاستثناء متصل، قالوا كان خازنًا وملكًا على سماء الدنيا واسمه عزازيل، قاله ابن عباس.
وقال ابن زيد، والحسن: هو أبو الجن كما أن آدم أبو البشر، ولم يك قط ملكًا، وروي أيضًا نحوه عن ابن عباس، قال: واسمه الحارث.
وقال شهر بن حوشب: كان من الجن الذين كانوا في الأرض وقاتلهم الملائكة فسبوه صغيرًا وتعبد مع الملائكة، وخوطب معها.
فالاستثناء على هذا منقطع. قال بعض من ذهب إلى هذا القول: كيف يكون من الملائكة وقد عصى أمر ربه، والله تعالى يقول في صفة الملائكة: ﴿لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون﴾ [التحريم: ٦] ورجح الطبري القول الأول، وقال: ليس في خلقه من نار ولا في تركيب الشهوة فيه والنسل حين غضب عليه ما يرد أنه كان من الملائكة. وقوله تعالى: ﴿كان من الجن ففسق عن أمر ربه﴾ [الكهف: ٥٠]. يتخرج على أنه عمل عملهم، فكان منهم
1 / 55