70

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

وَمُعَوَّلُ مَنْ نَفَى وُجُوبَهُ وَرُكْنِيَّتَهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي رَفْعِ الْحَرَجِ خَاصَّةً كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.
وَدَلِيلُنَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ فَاسْعَوْا». صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَيَعْضُدُهُ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ شِعَارٌ لَا يَخْلُو عَنْهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، فَكَانَ رُكْنًا كَالطَّوَافِ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ رَفْعِ الْحَرَجِ أَوْ تَرْكِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٥٨]
تَعَلَّقَ بِهِ مَنْ يَنْفِي رُكْنِيَّةَ السَّعْيِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ الْحَرَجَ عَنْ تَرْكِهِ، وَقَالَ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا بِفِعْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْجُرُهُ.
وَالتَّطَوُّعُ هُوَ مَا يَأْتِيهِ الْمَرْءُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَهَذَا لَيْسَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا إلَى أَيِّ مَعْنَى يَعُودُ رَفْعُ الْجُنَاحِ.
وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَنْ تَطَوَّعَ﴾ [البقرة: ١٥٨] إشَارَةً إلَى السَّعْيِ وَاجِبٌ، فَمَنْ تَطَوَّعَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَشْكُرُ ذَلِكَ لَهُ.
[الْآيَة التَّاسِعَة وَالْعُشْرُونَ قَوْله تَعَالَى إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى]
مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩]
اسْتَدَلَّ بِهَا عُلَمَاؤُنَا عَلَى وُجُوبِ تَبْلِيغِ الْحَقِّ وَبَيَانِ الْعِلْمِ عَلَى الْجُمْلَةِ.
وَلِلْآيَةِ تَحْقِيقٌ هُوَ أَنَّ الْعَالِمَ إذَا قَصَدَ الْكِتْمَانَ عَصَى، وَإِذَا لَمْ يَقْصِدْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّبْلِيغُ إذَا عَرَفَ أَنَّ مَعَهُ غَيْرَهُ.
قَالَ عُثْمَانُ ﵁: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا آيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ:

1 / 72