249

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

أَدِلَّةٌ اسْتَوْفَيْنَاهَا فِي تَلْخِيصِ الطَّرِيقَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ بَدِيعٍ، وَخَلَصْنَا بِالسَّبْكِ مِنْهَا فِي تَخْلِيصِ التَّلْخِيصِ مَا يُغْنِي عَنْ جَمْعِهِ اللَّبِيبَ؛ وَأَقْرَبُهَا الْآنَ إلَى الْغَرَضِ أَنْ تُعْرِضَ عَنْ الْمَعَانِي لِأَنَّهَا بِحَارٌ تَتَقَامَسُ أَمْوَاجُهَا، وَتُقْبِلُ عَلَى الْأَخْبَارِ فَإِنَّهَا أَوَّلٌ وَأَوْلَى، وَلَهُمْ خَبَرٌ وَلَنَا خَبَرٌ.
فَأَمَّا خَبَرُهُمْ، فَقَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ».
وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْحُرَّةِ فِي اسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الْأَمَةِ بِعَيْنِهِ؛ فَنَصَّ الشَّارِعُ ﷺ عَلَى أَنَّ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ الْحَيْضُ، وَبِهِ يَقَعُ الِاسْتِبْرَاءُ بِالْوَاحِدِ فِي الْأَمَةِ، فَكَذَلِكَ فَلْيَكُنْ بِالثَّلَاثَةِ فِي الْحُرَّةِ.
وَأَمَّا خَبَرُنَا فَالصَّحِيحُ الثَّابِتُ فِي كُلِّ أَمْرٍ «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ﵄ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يُرَاجِعَهَا، ثُمَّ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ طُهْرٌ فَمَجْمُوعُهَا أَطْهَارٌ.
[وَالتَّنْقِيحُ] وَالتَّرْجِيحُ: خَبَرُنَا أَوْلَى مِنْ خَبَرِهِمْ؛ لِأَنَّ خَبَرَنَا ظَاهِرٌ قَوِيٌّ فِي أَنَّ الطُّهْرَ قَبْلَ الْعِدَّةِ وَاحِدُ أَعْدَادِهَا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا إشْكَالُ خَبَرِهِمْ فَيَرْفَعُهُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَالِكَ أَيْضًا هُوَ الطُّهْرُ، لَكِنَّ الطُّهْرَ لَا يَظْهَرُ إلَّا بِالْحَيْضِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّهَا تَحِلُّ بِالدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.

1 / 251