176

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْأَثَرِ: «مَنْ وُلِدَ لَهُ فَأَحَبَّ أَنْ يُنْسَكَ عَنْهُ فَلْيَفْعَلْ».
وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَوْ اُنْسُكْ بِشَاةٍ»، فَحُمِلَ هَذَا اللَّفْظُ هَاهُنَا وَهُوَ الْهَدْيُ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا النُّسُكَ هَدْيًا جَعَلَهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ نُسُكًا، وَالنُّسُكُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ هَدْيًا.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٦]: قَالَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْآيَةِ: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] إنَّهُ إحْصَارُ الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّ الْأَمْنَ يَكُونُ مِنْ خَوْفِ الْعَدُوِّ، وَالْبُرْءُ يَكُونُ مِنْ الْمَرَضِ، وَإِلَيْهِ مَالَ مَنْ احْتَجَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنْ لَا هَدْيَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَلَا نَقُولُ هَكَذَا، بَلْ زَوَالُ كُلِّ أَلَمٍ مِنْ مَرَضٍ، وَهُوَ أَمْنٌ، وَجَاءَ بِلَفْظِ الْأَمْنِ، وَهُوَ عَامٌّ، كَمَا جَاءَ بِلَفْظِ " أُحْصِرَ " وَهُوَ عَامٌّ فِي الْعَدُوِّ وَالْمَرَضِ؛ لِيَكُونَ آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى نِظَامِ أَوَّلِهِ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٦]: الْمَعْنَى أَكْمِلُوا مَا بَدَأْتُمْ بِهِ مِنْ عِبَادَةٍ، مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَكُمْ مَانِعٌ؛ فَإِنْ كَانَ مَانِعٌ حَلَلْتُمْ حَيْثُ حُبِسْتُمْ وَتَرَكْتُمْ مَا مُنِعْتُمْ مِنْهُ، وَيَجْزِيكُمْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ بَعْدَ حَلْقِ رُءُوسِكُمْ؛ فَإِذَا أَمِنْتُمْ أَيْ زَالَ الْمَانِعُ، وَقَدْ كُنْتُمْ حَلَلْتُمْ عَنْ عُمْرَةٍ فَحَجَجْتُمْ، فَعَلَيْكُمْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ.
وَالتَّمَتُّعُ يَكُونُ بِشُرُوطٍ ثَمَانِيَةٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ.
الثَّانِي: فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ.
الثَّالِثُ: فِي عَامٍ وَاحِدٍ.
الرَّابِعُ: فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.

1 / 178