132

Ahkam Quran

أحكام القرآن لابن العربي

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الثالثة

Année de publication

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

فَنَقُولُ: أَمَّا إنْ أَفْضَى التَّقْبِيلُ وَالْمُبَاشَرَةُ إلَى الْمَذْيِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَهُ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى، وَأَمَّا إنْ خِيفَ إفْضَاؤُهُ إلَى الْمَنِيِّ فَذَلِكَ الْمَمْنُوعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [مَسْأَلَةٌ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ] الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ إنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الْخَيْطُ الأَبْيَضُ﴾ [البقرة: ١٨٧] الْفَجْرَ وَيَتَأَخَّرُ الْبَيَانُ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؟ وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ حَتَّى يَقَعَ الْخَطَأُ عَنْ الْمَقْصُودِ لَا يَجُوزُ. فَالْجَوَابُ: أَنَّ الْبَيَانَ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ، لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُدْرِكُهُ جَمِيعُ النَّاسِ؛ وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ يَخْتَصُّ بِهِ بَعْضُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْبَيَانُ مَكْشُوفًا فِي دَرَجَةٍ يَطَّلِعُ عَلَيْهَا كُلُّ أَحَدٍ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ إلَّا عَدِيٌّ وَحْدَهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يُعَنِّفْ عَدِيًّا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْبَيَانَ فِيهِ جَلِيًّا. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ: «إنَّك لَعَرِيضُ الْقَفَا»، وَضَحِكَ؛ وَلَا يَضْحَكُ إلَّا عَلَى جَائِزٍ، وَلَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ لَهُ إلَّا تَعْرِيضُهُ لِلْغَبَاوَةِ. [مَسْأَلَةٌ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى الصَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ] الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ إذَا جَوَّزْنَا لَهُ الْوَطْءَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَيْهِ، وَهُوَ جُنُبٌ؛ وَذَلِكَ جَائِزٌ إجْمَاعًا؛ وَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِيهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - كَلَامٌ، ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَإِنَّ صَوْمَهُ صَحِيحٌ، وَبِهَذَا احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَيْهِ، وَمِنْ هَاهُنَا أَخَذَهُ بِاسْتِنْبَاطِهِ، وَغَوْصِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ] الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]: الِاعْتِكَافُ فِي اللُّغَةِ هُوَ اللُّبْثُ، وَهُوَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَقَلُّهُ لَحْظَةٌ، وَلَا حَدَّ

1 / 134