Ahkam Quran
أحكام القرآن لابن العربي
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
[مَسْأَلَةٌ الْوِصَال فِي الصِّيَام]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا بِظَاهِرِهِ يَقْتَضِي الْوِصَالَ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ فِيهِ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ اقْتَضَى وِصَالًا غَيْرَ مَحْدُودٍ لَمَا تَحَصَّلَ لِأَحَدٍ تَقْدِيرُهُ، لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فِيهِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْعُرْفِ، أَيْ أَنْ تَصُومُوا الْأَيَّامَ وَتُفْطِرُوا مِنْهَا زَمَنًا مَخْصُوصًا، وَكَانَ عِنْدَهُمْ مُتَعَيِّنًا إمَّا بِالْعُرْفِ الْمُتَقَدِّمِ، فَيَكُونُ الْخِطَابُ نَصًّا، وَإِمَّا بِبَيَانٍ مِنْ النَّبِيِّ ﵇ فَيَكُونُ الْخِطَابُ مُجْمَلًا، حَتَّى بَيَّنَهُ الشَّارِعُ ﷺ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ:
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]: لِلْمَرِيضِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَلَّا يُطِيقَ الصَّوْمَ بِحَالٍ، فَعَلَيْهِ الْفِطْرُ وَاجِبًا.
الثَّانِي أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ بِضَرَرٍ وَمَشَقَّةٍ؛ فَهَذَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِطْرُ، وَلَا يَصُومُ إلَّا جَاهِلٌ.
وَقَدْ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْأَزْدِيُّ، أَنْبَأَنَا الشَّيْخُ أَبُو مُسْلِمٍ عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ اللَّيْثِيُّ الْحَارِثِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحِيرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ رَبِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ، حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ النَّسَوِيُّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَسَّانَ صُهَيْبُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: اعْتَلَلْت بِنَيْسَابُورَ عِلَّةً خَفِيفَةً، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَعَادَنِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِي: أَفْطَرْت يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْت: نَعَمْ فَقَالَ: خَشِيتُ أَنْ أَضْعُفَ عَنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ قُلْت: أَنْبَأَنَا عَبْدَانُ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيِّ الْمَرَضِ أُفْطِرُ؟ قَالَ: مِنْ أَيِّ مَرَضٍ كَانَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا﴾ [البقرة: ١٨٤]
1 / 110