Ahkam Quran
أحكام القرآن
Chercheur
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Lieu d'édition
بيروت
الثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ وَقَدْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ كَوْنَ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ قُرْبَةً لِأَنَّهُمَا بَنَيَاهُ لِلَّهِ تَعَالَى فَأُخْبِرَا بِاسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ بِهِ وَهُوَ
كَقَوْلِهِ ﷺ (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَلَوْ مثل مفحص قطاة بنى الله له بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)
قَوْله تَعَالَى [وَأَرِنا مَناسِكَنا] يُقَالُ إنَّ أَصْلَ النُّسُكِ فِي اللُّغَةِ الْغَسْلُ يُقَالُ مِنْهُ نَسَكَ ثَوْبَهُ إذَا غَسَلَهُ وَقَدْ أُنْشِدَ فِيهِ بَيْتُ شِعْرٍ:
وَلَا يُنْبِتُ الْمَرْعَى سِبَاخُ عَرَاعِرِ ... وَلَوْ نُسِكَتْ بِالْمَاءِ سِتَّةَ أَشْهُرِ
وَفِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِلْعِبَادَةِ يُقَالُ رَجُلٌ نَاسِكٌ أَيْ عَابِدٌ
وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ الْأَضْحَى فَقَالَ (إنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ الصَّلَاةُ ثُمَّ الذَّبْحُ فَسَمَّى الصَّلَاةَ نُسُكًا وَالذَّبِيحَةُ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ تُسَمَّى نُسُكًا)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ] يَعْنِي ذَبْحَ شَاةٍ وَمَنَاسِكُ الْحَجِّ مَا يَقْتَضِيه مِنْ الذَّبْحِ وَسَائِرِ أَفْعَالِهِ
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ حِينَ دَخَلَ مَكَّةَ (خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)
وَالْأَظْهَرُ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ [وَأَرِنا مَناسِكَنا] سَائِرُ أَعْمَالِ الْحَجِّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُمَا بِبِنَاءِ الْبَيْتِ لِلْحَجِّ
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قال (أتى جبرئيل إبْرَاهِيمَ ﵉ فَرَاحَ بِهِ إلَى مَكَّةَ ثُمَّ مِنًى)
وَذَكَرَ أَفْعَالَ الْحَجِّ عَلَى نَحْوِ مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي حَجَّتِهِ قَالَ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إلَى نَبِيِّهِ ﷺ [أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا] وكذلك
أرسل النبي ﷺ إلَى قَوْمٍ بِعَرَفَاتٍ وُقُوفٍ خَلْفَهُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِهَا فَقَالَ كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ عَلَى إرْثٍ مِنْ إرْثِ إبْرَاهِيمَ ﵇
قَوْله تَعَالَى [وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ] يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ اتِّبَاعِ إبْرَاهِيمَ فِي شَرَائِعِهِ فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسْخُهُ وَأَفَادَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ رَغِبَ عَنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَهُوَ رَاغِبٌ عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ إذ كانت ملة النبي ﷺ مُنْتَظِمَةً لِمِلَّةِ إبْرَاهِيمَ وَزَائِدَةً عَلَيْهَا.
بَابُ مِيرَاثِ الْجَدِّ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهًا واحِدًا] فَسَمَّى الْجَدَّ وَالْعَمَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبًا وَقَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ يُوسُفَ ﵇ [وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ] وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِذَلِكَ فِي تَوْرِيثِ الْجَدِّ دُونَ الْإِخْوَةِ وَرَوَى الْحَجَّاجُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَنْ شَاءَ لَاعَنْتُهُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ وَاَللَّهِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ جَدًّا وَلَا جَدَّةً إلَّا أَنَّهُمْ الْآبَاءُ [وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ
1 / 100