Ahkam Quran
أحكام القرآن
Chercheur
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Lieu d'édition
بيروت
وَالسُّدِّيُّ أُمِرُوا أَنْ يُصَلُّوا عِنْدَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ اللَّفْظِ لِأَنَّ لَفْظَ الصَّلَاةِ إذَا أُطْلِقَ تُعْقَلُ مِنْهُ الصَّلَاةُ الْمَفْعُولَةُ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ أَلَا تَرَى أَنَّ مُصَلَّى الْمِصْرِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ صَلَاةُ الْعِيدِ
وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ الْمُصَلَّى أَمَامَك
يَعْنِي بِهِ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ الْمَفْعُولَةِ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا فِعْلُ النَّبِيِّ ﷺ بَعْدَ تِلَاوَتِهِ الْآيَةَ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ قِبْلَةٌ فَذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى مَعْنَى الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَيَكُونُ قِبْلَةً لَهُ وَعَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا الدُّعَاءُ فَحَمْلُهُ عَلَى الصَّلَاةِ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَنْتَظِمُ سَائِرَ الْمَعَانِي الَّتِي تَأَوَّلُوا عَلَيْهَا الْآيَةَ قَوْله تَعَالَى [وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ] قَالَ قَتَادَةُ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ طَهِّرَا مِنْ الشِّرْكِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ التي كانت عَلَيْهَا الْمُشْرِكُونَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ فِي يَدِ إبْرَاهِيمَ ﵇
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَهُمْ قَدْ نَصَبُوا عَلَى الْبَيْتِ الْأَوْثَانَ فَأَمَرَ بِكَسْرِهَا وَجَعَلَ يَطْعَنُ فِيهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَيَقُولُ (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)
وَقِيلَ فِيهِ طَهِّرَاهُ مِنْ فَرْثٍ وَدَمٍ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يطرحونه عنده وقال السدى طهرا بيتي ابْنِيَاهُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ] الْآيَةَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَجَمِيعُ مَا ذُكِرَ يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ غَيْرَ مُنَافِيهِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ ابْنِيَاهُ عَلَى تَقْوَى اللَّهِ وَطَهِّرَاهُ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْفَرْثِ وَالدَّمِ وَمِنْ الْأَوْثَانِ أَنْ تُجْعَلَ فِيهِ أو تقربه وأما للطائفين فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مُرَادِ الْآيَةِ مِنْهُ فَرَوَى جويبر عن الضحاك قال للطائفين مَنْ جَاءَ مِنْ الْحُجَّاجِ وَالْعَاكِفِينَ أَهْلُ مَكَّة وَهُمْ الْقَائِمُونَ وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِك عَنْ عَطَاءٍ قَالَ الْعَاكِفُونَ مِنْ انْتَابَهُ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْمُجَاوِرِينَ وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ قَالَ إذَا كَانَ طَائِفًا فَهُوَ مِنْ الطَّائِفِينَ وَإِذَا كَانَ جَالِسًا فَهُوَ مِنْ الْعَاكِفِينَ وَإِذَا كَانَ مُصَلِّيًا فَهُوَ مِنْ الرُّكَّعِ السُّجُودِ وَرَوَى ابْنُ فُضَيْلٍ عن ابن عَطَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ [طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ] قَالَ الطَّوَافُ قَبْلَ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلُ الضَّحَّاكِ مَنْ جَاءَ مِنْ الْحُجَّاجِ فَهُوَ مِنْ الطَّائِفِينَ رَاجِعٌ أَيْضًا إلَى مَعْنَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ لِأَنَّ مَنْ يَقْصِدُ الْبَيْتَ فَإِنَّمَا يَقْصِدُهُ لِلطَّوَافِ بِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ خَصَّ بِهِ الْغُرَبَاءَ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةُ التَّخْصِيصِ لِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ وَالْغُرَبَاءَ فِي فِعْلِ الطَّوَافِ سَوَاءٌ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّمَا تَأَوَّلَهُ الضَّحَّاكُ عَلَى الطَّائِفِ الَّذِي هُوَ طَارِئٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى [فَطافَ عَلَيْها
1 / 93