372

Ahkam Quran

أحكام القرآن

Enquêteur

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Maison d'édition

دار إحياء التراث العربي

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Tafsir
يَعْنِي بِهَا هَذِهِ الْأَشْهُرَ الَّتِي ثَبَتَ وَقْتُ الْحَجِّ فِيهَا دُونَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْ تَبْدِيلِ الشُّهُورِ وَتَأْخِيرِ الْحَجِّ وَتَقْدِيمِهِ وقد كان وقت الحج معلقا عندهم وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَأْمَنُونَ فِيهَا وَارِدَيْنِ وَصَادِرِينَ فَذَكَرَ اللَّهُ هَذِهِ الْأَشْهُرَ وَأَخْبَرَنَا بِاسْتِقْرَارِ أَمْرِ الْحَجِّ وَحَظَرَ بِذَلِكَ تَغْيِيرُهَا وَتَبْدِيلُهَا إلَى غَيْرِهَا وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا قَدَّمَ ذِكْرَ التَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَرَخَّصَ فِيهِ وَأَبْطَلَ بِهِ مَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَعْتَقِدُهُ من حظر العمرة في الأشهر قال [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ] فَأَفَادَ بِذَلِكَ أَنَّ الْأَشْهُرَ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَثَبَتَ حُكْمُهُ فِيهَا هَذِهِ الْأَشْهُرُ وَأَنَّ مَنْ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِهَا ثُمَّ حَجَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمُ التَّمَتُّعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَرَوَى مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَا يُحْرِمُ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَرَوَى مِثْلَهُ عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَعِكْرِمَةَ وَقَالَ عَطَاءٌ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً
وَقَالَ عَلِيٌّ ﵁ فِي قَوْله تَعَالَى [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ] إنَّ إتْمَامَهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ كَانَ بَيْنَ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ
وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ أَوْ قَرِيبَةٌ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ جَوَازُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَمَا رَوَاهُ مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ حَتْمًا وَاجِبًا وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ جَوَازُ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنُ حَيٍّ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ جَعَلَهُ عُمْرَةً فَإِذَا أَدْرَكَتْهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً مَضَى فِي الْحَجِّ وَأَجْزَأَهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجْعَلُهَا عُمْرَةً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكُونُ عُمْرَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ قَدَّمْنَا فِيمَا سَلَفَ ذِكْرُ وَجْهِ الدَّلَالَةِ على جواز ذلك من قوله تعالى [يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ] وَأَنَّ ذَلِكَ عُمُومٌ فِي كَوْنِ الْأَهِلَّةِ كُلِّهَا وَقْتًا لِلْحَجِّ وَلَمَّا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِيقَاتًا لِأَفْعَالِ الْحَجِّ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ اللَّفْظِ مُسْتَعْمَلًا فِي إحْرَامِ الْحَجِّ فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُهُ عِنْدَ سَائِرِ الْأَهِلَّةِ وَغَيْرُ جَائِزٍ الِاقْتِصَارُ على بعضها

1 / 374