Ahkam Quran
أحكام القرآن
Chercheur
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Lieu d'édition
بيروت
سورة الفاتحة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الرَّازِيّ ﵁ قَدْ قَدَّمْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ مُقَدِّمَةً «١» تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ جُمَلٍ مِمَّا لَا يَسَعُ جَهْلُهُ مِنْ أُصُولِ التَّوْحِيدِ وَتَوْطِئَةً لِمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَعْرِفَةِ طُرُقِ اسْتِنْبَاطِ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَاسْتِخْرَاجِ دَلَائِلِهِ وَأَحْكَامِ أَلْفَاظِهِ وَمَا تَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ أَنْحَاءُ كَلَامِ الْعَرَبِ وَالْأَسْمَاءُ اللُّغَوِيَّةُ وَالْعِبَارَاتُ الشَّرْعِيَّةُ إذْ كَانَ أَوْلَى الْعُلُومِ بِالتَّقْدِيمِ مَعْرِفَةَ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَنْزِيهِهِ عَنْ شِبْهِ خَلْقِهِ وَعَمَّا نَحَلَهُ الْمُفْتَرُونَ مِنْ ظُلْمِ عَبِيدِهِ وَالْآنَ حَتَّى انْتَهَى بِنَا الْقَوْلُ إلَى ذِكْرِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَدَلَائِلِهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُ التَّوْفِيقَ لِمَا يُقَرِّبُنَا إلَيْهِ وَيُزَلِّفُنَا لديه إنه ولى ذلك والقادر عليه.
بَابٌ الْقَوْلُ فِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْكَلَامُ فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا مَعْنَى الضَّمِيرِ الَّذِي فِيهَا وَالثَّانِي هَلْ هِيَ مِنْ الْقُرْآنِ فِي افْتِتَاحِهِ وَالثَّالِثُ هَلْ هِيَ مِنْ الْفَاتِحَةِ أَمْ لَا وَالرَّابِعُ هَلْ هِيَ مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ وَالْخَامِسُ هَلْ هِيَ آيَة تَامَّةٌ أَمْ لَيْسَتْ بِآيَةٍ تَامَّةٍ وَالسَّادِسُ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ وَالسَّابِعُ تَكْرَارُهَا فِي أَوَائِل السُّوَرِ فِي الصَّلَاةِ وَالثَّامِن الْجَهْرُ بِهَا وَالتَّاسِع ذِكْرُ مَا فِي مُضْمَرِهَا مِنْ الْفَوَائِدِ وَكَثْرَةِ الْمَعَانِي فَنَقُولُ إنَّ فِيهَا ضَمِيرَ فِعْلٍ لَا يَسْتَغْنِي الْكَلَامُ عَنْهُ لِأَنَّ الْبَاءَ مَعَ سَائِرِ حُرُوفِ الْجَرِّ لَا بُدَّ أَنْ يَتَّصِلَ بِفِعْلٍ إمَّا مُظْهَرٍ مَذْكُورٍ وَإِمَّا مُضْمَرٍ مَحْذُوفٍ وَالضَّمِيرُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَنْقَسِمُ إلَى مَعْنَيَيْنِ خَبَرٍ وَأَمْرٍ فَإِذَا كَانَ الضَّمِيرُ خَبَرًا كَانَ مَعْنَاهُ أَبْدَأُ بِسْمِ اللَّهِ فَحُذِفَ هَذَا الْخَبَرُ وَأُضْمِرَ لِأَنَّ الْقَارِئَ مُبْتَدِئٌ فَالْحَالُ الْمُشَاهَدَةُ مُنْبِئَةٌ عَنْهُ ومغنية عَنْ ذِكْرِهِ وَإِذَا كَانَ أَمْرًا كَانَ مَعْنَاهُ ابْدَءُوا بِسْمِ اللَّهِ وَاحْتِمَالُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ وَفِي نَسَقِ تِلَاوَةِ السُّورَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ وَهُوَ قَوْله تعالى [إِيَّاكَ نَعْبُدُ] وَمَعْنَاهُ قُولُوا إيَّاكَ كَذَلِكَ ابْتِدَاءُ الْخِطَابِ فِي معنى قوله بسم الله وقد ورد الأمر بذلك في مواضع
_________
(١) المراد بهذه المقدمة الكتاب الذي ألفه في أصول الفقه.
1 / 5