267

Ahkam Quran

أحكام القرآن

Chercheur

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Maison d'édition

دار إحياء التراث العربي

Lieu d'édition

بيروت

الْكَفَّارَةَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ فَكَذَلِكَ الْمُسَافِرُ إذَا صَامَ ثُمَّ أَفْطَرْ وَأَمَّا إذَا أَصْبَحَ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ فَأَفْطَرَ فَهُوَ كَمَا وَصَفْنَا مِنْ وُجُودِ الْحَالِ الْمُبِيحَةِ لِلْإِفْطَارِ وَهِيَ حَالُ السَّفَرِ كَوُجُودِ النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ فِي إبَاحَةِ الْوَطْءِ وَإِنْ لم يبح وطئ الْحَائِضِ فَإِنْ قِيلَ فَهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ابْتِدَاءِ النَّهَارِ تَرْكُ الصَّوْمِ لِكَوْنِهِ مُقِيمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ إذْ كَانَ فِعْلُ الصَّوْمِ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ النَّهَارِ قِيلَ لَهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ طرئ مِنْ الْحَالِ مَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ مَا وَصَفْنَا وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَقَدِمَ ثُمَّ أَفْطَرْ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ كان له أن لا يصوم بديا فَأَشْبَهَ الصَّائِمَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَنَحْوِهَا وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسَافِرِ يُفْطِرُ ثُمَّ يَقْدَمُ من يومه والحائض تطهر في بعض النهار فقال أصحابنا والحسن ابن صَالِحٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَيُمْسِكَانِ بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ فِي المسافر إذا قدم ولم يأكل شيء إنَّهُ يَصُومُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَيَقْضِي وَلَوْ طَهُرَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْضِهَا فَإِنَّهَا تَأْكُلُ وَلَا تَصُومُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ وَالْمُسَافِرُ يَقْدُمُ وَقَدْ أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ إنَّهُ يَأْكُلُ وَلَا يُمْسِكُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ مِثْلُهُ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ سُفْيَانُ عَنْ نَفْسِهِ خِلَافَ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَوْ أَصْبَحَ يَنْوِي الْإِفْطَارَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يَكُفُّ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَيَقْضِي فَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكَلَ جُرْأَةً عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ غُمَّ عَلَيْهِ هِلَالُ رَمَضَانَ فَأَكَلَ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ يُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الصَّائِمُ كَذَلِكَ الْحَائِضُ وَالْمُسَافِرُ وَالْمَعْنَى الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَالَ الطَّارِئَةَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْإِفْطَارِ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي أَوَّلِ النَّهَارِ كَانُوا مَأْمُورِينَ بِالصِّيَامِ فَكَذَلِكَ إذَا طَرَأَتْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ مُفْطِرُونَ أُمِرُوا بِالْإِمْسَاكِ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَيْضًا أَمْرُ النَّبِيِّ ﷺ الْآكِلِينَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ بِالْإِمْسَاكِ مَعَ إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ فَصَارَ ذَلِكَ أَصْلًا فِي نَظَائِرِهِ مِمَّا وصفناه وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي إيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذَا أَكَلَ جُرْأَةً عَلَى ذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ هَذِهِ كَفَّارَةٌ يَخْتَصُّ وُجُوبُهَا بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ عَلَى وَصْفٍ وَهَذَا الْآكِلُ لَمْ يُفْسِدْ صَوْمًا بِأَكْلِهِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

1 / 269