Ahkam Quran
أحكام القرآن
Chercheur
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Lieu d'édition
بيروت
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا وَهُمْ النَّصَارَى شَهْرُ رَمَضَان أو مقدار مِنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ وَإِنَّمَا حَوَّلُوهُ وَزَادُوا فِيهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَالسُّدِّيُّ كَانَ الصَّوْمُ مِنْ الْعَتَمَةِ إلَى الْعَتَمَةِ وَلَا يَحِلُّ بَعْدَ النَّوْمِ مَأْكَلٌ وَلَا مَشْرَبٌ وَلَا مَنْكَحٌ ثُمَّ نُسِخَ وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَيْنَا صِيَامُ أَيَّامٍ كَمَا كُتِبَ عَلَيْهِمْ صِيَامُ أَيَّامٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مُسَاوَاتِهِ فِي الْمِقْدَارِ بَلْ جَائِزٌ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ أُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ فَجَعَلَ الصَّوْمَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الصِّيَامَ بِقَوْلِهِ [كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ] وَذَكَرَ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي قَدَّمْنَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ [كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ] دَلَالَةٌ عَلَى الْمُرَادِ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي صِفَةِ الصِّيَامِ أَوْ فِي الْوَقْتِ كَانَ اللَّفْظُ مُجْمَلًا وَلَوْ عَلِمْنَا وَقْتَ صِيَامِ مَنْ قَبْلَنَا وَعَدَدَهُ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ صِفَةَ الصِّيَامِ وَمَا حَظَرَ عَلَى الصَّائِمِ فِيهِ بَعْدَ النَّوْمِ فَلَمْ يَكُنْ لَنَا سَبِيلٌ إلَى اسْتِعْمَالِ ظاهر اللفظ في احتداء صَوْمِ مَنْ قَبْلَنَا
وَقَدْ عَقَّبَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ [أَيَّامًا مَعْدُوداتٍ] وَذَلِكَ جَائِزٌ وُقُوعُهُ عَلَى قَلِيلِ الْأَيَّامِ وَكَثِيرِهَا
فَلَمَّا قَالَ تَعَالَى فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ [شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] بَيَّنْ بِذَلِكَ عَدَدَ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ وَوَقْتَهَا وَأَمَرَ بِصَوْمِهَا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ ابْن أَبِي لَيْلَى وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ أن المراد بقوله تعالى [أَيَّامًا مَعْدُوداتٍ] صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ ثُمَّ نُسِخَ بِرَمَضَانَ قَوْله تَعَالَى [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] قَالَ أَبُو بَكْرٍ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي جَوَازَ الْإِفْطَارِ لمن لحقه الاسم سواء كان الصوم يضره أولا إلَّا أَنَّا لَا نَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ الصَّوْمُ غَيْرُ مُرَخَّصٍ لَهُ فِي الْإِفْطَارِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا خَافَ أَنْ تَزْدَادَ عَيْنُهُ وَجَعًا أَوْ حُمَّاهُ شِدَّةً أَفْطَرَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَنْ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ أَفْطَرَ وَقَضَى وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي سَمِعْتُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أصابه المرض شق عَلَيْهِ فِيهِ الصِّيَامُ فَيَبْلُغُ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَيَقْضِيَ قَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَرَوْنَ عَلَى الْحَامِلِ إذَا اشْتَدَّ عَلَيْهَا الصِّيَامُ الْفِطْرَ وَالْقَضَاءَ وَيَرَوْنَ ذَلِكَ مَرَضًا مِنْ الْأَمْرَاضِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَيُّ مَرَضٍ إذَا مَرِضَ الرَّجُلُ حَلَّ لَهُ الْفِطْرُ فَإِنْ لَمْ يُطِقْ أَفْطَرَ فَأَمَّا إذَا أَطَاقَ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ فَلَا يُفْطِرُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا
1 / 215