204

Ahkam Quran

أحكام القرآن

Chercheur

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Maison d'édition

دار إحياء التراث العربي

Lieu d'édition

بيروت

الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ فَوَاجِبٌ أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين ثابتة الحكم غير منسوخة إذا لَمْ يَرِدْ مَا يُوجِبُ نَسْخَهَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وحكم النبي ﷺ في ستة مَمْلُوكِينَ أَعْتَقَهُمْ رَجُلٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فجزأهم النبي ﷺ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَاَلَّذِي أَعْتَقَهُمْ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَرَبُ إنَّمَا تَمْلِكُ من لا قرابة بينه وبينه من العجب فَأَجَازَ لَهُمْ النَّبِيُّ ﷺ الْوَصِيَّةَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَوْ كَانَتْ تَبْطُلُ لِغَيْرِ قَرَابَةٍ بَطَلَتْ لِلْعَبِيدِ الْمُعْتَقِينَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِقَرَابَةٍ لِلْمَيْتِ وَبَطَلَتْ وَصِيَّةُ الْوَالِدَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا كَلَامٌ ظَاهِرُ الِاخْتِلَالِ مُنْتَقَضٌ عَلَى أَصْلِهِ فَأَمَّا اخْتِلَالُهُ فَقَوْلُهُ إنَّ الْعَرَبَ إنَّمَا تَمْلِكُ مَنْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ الْعَجَمِ وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ أَعْجَمِيَّةً فَيَكُونُ أَقْرِبَاؤُهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ عَجَمًا فَيَكُونُ الْعِتْقُ الذي أوقعه المريض وصية لأقرباؤه وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ نَسَخَتْ الْوَصِيَّةَ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَإِنَّمَا نَسَخَتْهَا لِمَنْ كَانَ مِنْهُمْ وَارِثًا فَأَمَّا مَنْ لَا يَرِثُ مِنْهُمْ فَلَيْسَ فِي إثْبَاتِ الْمِيرَاثِ لِغَيْرِهِ مَا يُوجِبُ نَسْخَ وَصِيَّتِهِ وَأَمَّا انْتِقَاضُهُ عَلَى أَصْلِهِ فَإِيجَابُهُ نَسْخَ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقْرَبِينَ بِخَبَرِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي عِتْقِ الْمَرِيضِ لِعَبِيدِهِ وَمِنْ أَصْلِهِ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَنْسَخُ الْقُرْآنَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالتَّابِعِينَ تَجْوِيزُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَجَانِبِ وَأَنَّهَا تَنْفُذُ عَلَى مَا أَوْصَى بِهَا وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَعَنْ عَائِشَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وسالم بن عبد الله وعمرو بْنِ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيِّ قَالُوا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ حَيْثُ جَعَلَهَا وَقَدْ حَصَلَ الِاتِّفَاقُ مِنْ الْفُقَهَاءِ بَعْدَ عَصْرِ التَّابِعِينَ عَلَى جَوَازِ الْوَصَايَا لِلْأَجَانِبِ وَالْأَقَارِبِ وَاَلَّذِي أَوْجَبَ نَسْخَ الْوَصِيَّةِ عِنْدَنَا لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ قَوْله تَعَالَى فِي سِيَاقِ آيَةِ الْمَوَارِيثِ [مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ] فَأَجَازَهَا مُطْلَقَةً وَلَمْ يَقْصُرْهَا عَلَى الْأَقْرَبِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ وَفِي ذَلِكَ إيجَابُ نَسْخِهَا لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُمْ قَدْ كَانَتْ فَرْضًا وَفِي هَذِهِ إجَازَةُ تَرْكِهَا لَهُمْ وَالْوَصِيَّةُ لِغَيْرِهِمْ وَجَعْلٌ مَا بَقِيَ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ عَلَى سِهَامِ مَوَارِيثِهِمْ وَلَيْسَ يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا وَقَدْ نَسَخَ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ وَإِيجَابِ الْمَوَارِيثِ بَعْدَهَا الْوَصِيَّةَ الْوَاجِبَةَ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ فَيَكُونَ حُكْمُهَا ثَابِتًا لِمَنْ لَا يَرِثُ مِنْهُمْ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِلَفْظٍ مَنْكُورٍ يَقْتَضِي شُيُوعَهَا فِي الْجِنْسِ إذْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمُ النَّكِرَاتِ والوصية المذكورة

1 / 206