Ahkam Quran
أحكام القرآن
Enquêteur
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Tafsir
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَحِلُّ اللَّبَنُ فِي ضُرُوعِ الْمَيْتَةِ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا تُؤْكَلُ الْبَيْضَةُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ دَجَاجَةٍ مَيِّتَةٍ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ أَكْرَهُ أَنْ أُرَخِّصَ فِيهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ اللَّبَنُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَلْحَقَهُ حُكْمُ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهَا وَهِيَ حَيَّةٌ فَيُؤْكَلُ فَلَوْ كَانَ مِمَّا يَلْحَقُهُ حُكْمُ الْمَوْتِ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِذَكَاةِ الْأَصْلِ كَسَائِرِ أَعْضَاءِ الشَّاةِ وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ [نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خالِصًا سائِغًا لِلشَّارِبِينَ] عَامٌّ فِي سَائِرِ الْأَلْبَانِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّبَنَ لَا يَمُوتُ وَلَا يُحَرِّمُهُ مَوْتُ الشَّاةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَنْجَسُ بِمَوْتِ الشَّاةِ وَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ لَبَنٍ جُعِلَ فِي وِعَاءٍ مَيِّتٍ فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ حُلِبَ مِنْ شَاةٍ حَيَّةٍ ثُمَّ جُعِلَ فِي وِعَاءٍ نَجِسٍ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ فِي ضَرْعِ الْمَيْتَةِ قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلْقَةِ لَا يُنَجِّسُ مَا جَاوَرَهُ بِمَا حَدَثَ فِيهِ خِلْقَةً وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ اللَّحْمِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْعُرُوقِ مَعَ مُجَاوَرَةِ الدَّمِ لِدَوَاخِلِهَا مِنْ غَيْرِ تَطْهِيرٍ وَلَا غَسْلٍ لِذَلِكَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَوْضِعَ الْخِلْقَةِ لَا يُنَجِّسُ بِالْمُجَاوَرَةِ لِمَا خُلِقَ فِيهِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ [مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خالِصًا سائِغًا لِلشَّارِبِينَ] وَهَذَا يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَحَدُهُمَا مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ فِي اقْتِضَائِهِ لَبَنَ الْحَيَّةِ وَلَبَنَ الْمَيْتَةِ وَالثَّانِي إخْبَارُهُ بِخُرُوجِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ هُمَا بحسان مَعَ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ وَلَمْ تَكُنْ مُجَاوَرَتُهُ لَهُمَا مُوجِبَةً لَتَنْجِيسِهِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلْقَةِ كَذَلِكَ كَوْنُهُ فِي ضَرْعِ مَيْتَةٍ لَا يُوجِبُ تَنْجِيسَهُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا
مَا رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ بِجُبْنَةٍ فَجَعَلُوا يَقْرَعُونَهَا بِالْعَصَا فَقَالَ أَيْنَ يُصْنَعُ هَذَا فَقَالُوا بِأَرْضِ فَارِسَ فَقَالَ اُذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُلُوا
وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذبائح المجوس ميتة وقد أباح ﷺ أَكْلَهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا مِنْ صَنْعَةِ أَهْلِ فَارِسَ وَأَنَّهُمْ كَانُوا إذْ ذَاكَ مَجُوسًا وَلَا يَنْعَقِدُ الْجُبْنُ إلَّا بِإِنْفَحَةٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ إنْفَحَةَ الْمَيْتَةِ طَاهِرَةٌ
وَقَدْ رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ غَالِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ سَأَلْت النَّبِيَّ ﷺ عَنْ الْجُبْنِ فَقَالَ ضَعِي السِّكِّينَ وَاذْكُرِي اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وكلى
فأباح النَّبِيِّ ﷺ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَكْلَ الْجَمِيعِ مِنْهُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا صُنِعَ مِنْهُ بِإِنْفَحَةِ مَيْتَةٍ أو غيرها
وقد روى عن على وعمرو سلمان وَعَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إبَاحَةُ أَكْلِ الْجُبْنِ الَّذِي فِيهِ إنْفَحَةُ الْمَيْتَةِ
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِنْفَحَةَ طَاهِرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ
1 / 148