Ahkam Quran
أحكام القرآن
Chercheur
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Lieu d'édition
بيروت
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ إنَّمَا سَعَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِيُرِيَ الْمُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ
فَأَتَيْت ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ سَعَى النَّبِيُّ ﷺ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَذَكَرَ السَّبَبَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ إظْهَارُ الْجَلَدِ وَالْقُوَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ وَتَعَلُّقُ فِعْلِهِ بِهَذَا السَّبَبِ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ سُنَّةً مَعَ زَوَالِهِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ السَّبَبَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ كَانَ رَمْيَ إبْرَاهِيمَ ﵇ إبْلِيسَ لَمَّا عَرَضَ لَهُ بِمِنًى وَصَارَ سُنَّةً بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كَانَ سَبَبُ الرَّمَلِ فِي الْوَادِي أَنَّ هَاجَرَ لَمَّا طَلَبَتْ الْمَاءَ لِابْنِهَا إسْمَاعِيلَ وَجَعَلَتْ تَتَرَدَّدُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَكَانَتْ إذَا نَزَلَتْ الْوَادِيَ غَابَ الصَّبِيُّ عَنْ عَيْنِهَا فَأَسْرَعَتْ الْمَشْيَ وَرَوَى أَبُو الطُّفَيْلِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إبْرَاهِيمَ ﵇ لَمَّا عَلِمَ الْمَنَاسِكَ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَسْعَى فَسَبَقَهُ إبْرَاهِيمُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ سُرْعَةِ الْمَشْيِ هُنَاكَ وَهُوَ سُنَّةٌ كَنَظَائِرِهِ مِمَّا وَصَفْنَا وَالرَّمَلُ فِي بَطْنِ الْوَادِي فِي الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِمَّا قَدْ نَقَلَتْهُ الْأُمَّةُ قَوْلًا وَفِعْلًا وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَعَلَهُ وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ مَسْنُونًا بَعْدَهُ وَظُهُورُ نَقْلِهِ فِعْلًا إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بَقَاءِ حُكْمِهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ الدَّلَالَةِ وَاَللَّهُ تعالى أعلم.
بَابُ طَوَافِ الرَّاكِبِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي طَوَافِ الرَّاكِبِ بَيْنَهُمَا فَكَرِهَ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ
وَذَكَرَ أَبُو الطُّفَيْلِ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ قَوْمَك يَزْعُمُونَ أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى الدَّابَّةِ سُنَّةٌ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَالَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُدْفَعُ عَنْهُ أَحَدٌ وَلَيْسَتْ بِسُنَّةٍ
وَرَوَى عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة أَنَّهَا شَكَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنِّي أَشْتَكِي فَقَالَ طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ
وَكَانَ عُرْوَةُ إذَا رَآهُمْ يَطُوفُونَ عَلَى الدَّوَابِّ نَهَاهُمْ فَيَتَعَلَّلُونَ بِالْمَرَضِ فَيَقُولُ خَابَ هَؤُلَاءِ وَخَسِرُوا وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا مَنَعَنِي مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إلَّا السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَإِنِّي لَأَكْرَهُ الرُّكُوبَ
وَرُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَاءَ وَقَدْ اشْتَكَى فَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ وَمَعَهُ مِحْجَنٌ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى الْحَجَرِ اسْتَلَمَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنَاخَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَلَمَّا ثَبَتَ مِنْ سُنَّةِ الطَّوَافِ بِهِمَا السَّعْيُ فِي بَطْنِ الْوَادِي
عَلَى مَا وَصَفْنَا وَكَانَ الرَّاكِبُ تَارِكًا لِلسَّعْيِ كَانَ فِعْلُهُ خِلَافَ السُّنَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا عَلَى نَحْوِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَالصَّحَابَةِ فَيَجُوزُ.
1 / 122