103

Ahkam Quran

أحكام القرآن

Chercheur

محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف

Maison d'édition

دار إحياء التراث العربي

Lieu d'édition

بيروت

دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ كَانَ يُصَلِّي إلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ حَوَّلَهُ إلَيْهَا وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ لَيْسَ فِي شَرِيعَةِ النَّبِيِّ نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي تَوَجُّهِ النَّبِيِّ ﷺ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ هَلْ كَانَ فَرْضًا لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَوْ كَانَ مُخَيَّرًا فِي تَوَجُّهِهِ إلَيْهَا وَإِلَى غَيْرِهَا فقال الربيع ابن أَنَسٍ كَانَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَانَ الْفَرْضُ التَّوَجُّهُ إلَيْهِ بِلَا تَخْيِيرٍ وَأَيُّ الْوَجْهَيْنِ كَانَ فَقَدْ كَانَ التَّوَجُّهُ فَرْضًا لِمَنْ يَفْعَلُهُ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَيُّهَا كَفَّرَ بِهِ فَهُوَ الْفَرْضُ وَكَفِعْلِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ الْيَمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنْ الْقُرْآنِ شَأْنُ الْقِبْلَةِ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَسْتَقْبِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَفَرِحَتْ الْيَهُودُ بِذَلِكَ فَاسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ قِبْلَةَ أَبِيهِ إبْرَاهِيمَ ﵇ وَيَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى وَيَنْظُرُ إلَى السَّمَاءِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ [قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ] الْآيَةَ وَذَكَرَ الْقِصَّةَ فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْفَرْضَ كَانَ التَّوَجُّهَ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَنَّهُ نُسِخَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَهَذَا لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْفَرْضَ كَانَ التوجه إليه بلا تخيير ولأنه جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ الْفَرْضُ عَلَى وَجْهِ التَّخْيِيرِ وَوَرَدَ النَّسْخُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَقُصِرُوا عَلَى التَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ بِلَا تَخْيِيرٍ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّفَرَ الَّذِينَ قَصَدُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ لِلْبَيْعَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ كَانَ فِيهِمْ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ فَتَوَجَّهَ بِصَلَاتِهِ إلَى الْكَعْبَةِ فِي طَرِيقِهِ وَأَبَى الْآخَرُونَ وَقَالُوا إنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَتَوَجَّهُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا لَهُ فَقَالَ قَدْ كُنْت عَلَى قِبْلَةٍ يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ لو ثبت عليها أجزك وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِاسْتِئْنَافِ الصَّلَاةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُخَيَّرِينَ وَإِنْ كَانَ اخْتَارَ التَّوَجُّهَ إلَى بيت المقدس فإن قِيلَ لَهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ الْقُرْآنِ الْمَنْسُوخِ التِّلَاوَةِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ [سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها] وَكَانَ نُزُولُ ذَلِكَ قَبْلَ النَّسْخِ وَفِيهِ إخْبَارٌ بِأَنَّهُمْ عَلَى قِبْلَةٍ غَيْرُهَا وَجَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ أَوَّلَ مَا نَسَخَ مِنْ الْقُرْآنِ فَيَكُونُ مُرَادُهُ النَّاسِخَ مِنْ الْقُرْآنِ دُونَ الْمَنْسُوخِ وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنْ الْقُرْآنِ شَأْنُ الْقِبْلَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ

1 / 105