93

Ahkam al-Siyam

أحكام الصيام

Enquêteur

محمد عبد القادر عطا

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Année de publication

1406 AH

Lieu d'édition

بيروت

ولهذا لما نذرت أخت عقبة بن عامر أن تحج ماشية حافية، قال النبي ﷺ:

((إن الله لغني عن تعذيب أختك نفسها، مرها فلتركب (٢٩))). وروي ((أنه أمرها بالهدى))، وروي ((بالصوم)). وكذا حديث جويرية في تسبيحها بالحصى، أو النوى، وقد دخل عليها ضحى، ثم دخل عليها عشية؛ فوجدها على تلك الحال. وقوله لها: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لرجحت )).

وأصل ذلك أن يعلم العبد أن الله لم يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا، ولم ينهنا إلا عما فيه فسادنا؛ ولهذا يثني الله على العمل الصالح، ويأمر بالصلاح والإصلاح، وينهى عن الفساد.

فالله سبحانه إنما حرم علينا الخبائث لما فيها من المضرة والفساد، وأمرنا بالأعمال الصالحة لما فيها من المنفعة والصلاح لنا. وقد لا تحصل هذه الأعمال إلا بمشقة: كالجهاد، والحج، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وطلب العلم، فيحتمل تلك المشقة، ويثاب عليها لما يعقبه من المنفعة.

كما قال النبي ﷺ لعائشة لما اعتمرت من التنعيم عام حجة الوداع:

((أجرك على قدر نصبك (٣٠))). وأما إذا كانت فائدة العمل منفعة لا تقاوم مشقته، فهذا فساد، والله لا يحب الفساد.

ومثال ذلك منافع الدنيا، فإن من تحمل مشقة لربح كثير، أو دفع عدو عظيم، كان هذا محموداً. وأما من تحمل كلفاً عظيمة، ومشاقاً شديدة، لتحصيل يسير من المال، أو دفع يسير من الضرر، كان بمنزلة من أعطى ألف درهم، ليعتاض بمائة درهم. أو مشى مسيرة يوم، ليتغدى غدوة يمكنه أن يتغدى خيراً

(٢٩) سبق تخريجه.

(٣٠) أخرجه: البخاري في صحيحه، الباب ٨ من كتاب العمرة ومسلم في صحيحه، حديث ١٢٧ .. من كتاب الحج وأحمد بن حنبل في المسند ٦ / ٤٣.

93