Ahkam al-Siyam
أحكام الصيام
Enquêteur
محمد عبد القادر عطا
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Année de publication
1406 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
الحديث وبيان الفارق . وأيضاً المنع قد يكون منع كراهة، وقد يكون منع تحريم. وإذا كانت الأحكام التي تعم بها البلوى لا بد أن يبينها الرسول ﷺ بياناً عاماً، ولا بد أن تنقل الأمة ذلك: فمعلوم أن الكحل ونحوه مما تعم به البلوى، كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب.
فلو كان هذا مما يفطر لبينه النبي ﷺ كما بين الإفطار بغيره، فلما لم يبين ذلك علم أنه من جنس الطيب والبخور والدهن، والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ وينعقد أجساماً، والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة، فلما لم ينه الصائم عن ذلك دل على جواز تطييبه وتبخيره وادهانه، وكذلك اكتحاله.
وقد كان المسلمون في عهده ﷺ يجرح أحدهم إما في الجهاد وإما في غيره مأمومة وجائفة، فلو كان هذا يفطر لبين لهم ذلك، فلما لم ينه الصائم عن ذلك علم أنه لم يجعله مفطراً.
(الوجه الثالث) : إثبات التفطير بالقياس يحتاج إلى أن يكون القياس صحيحاً، وذلك إما قياس علة بإثبات الجامع، وإما بإلغاء الفارق، فإما أن يدل دليل على العلة في الأصل فيعدي بها إلى الفرع، وإما أن يعلم أن لا فارق بينهما من الأوصاف المعتبرة في الشرع، وهذا القياس هنا منتف.
وذلك أنه ليس في الأدلة ما يقتضي أن المفطر الذي جعله الله ورسوله مفطراً هو ما كان واصلاً إلى دماغ أو بدن، أو ما كان داخلاً من منفذ، أو واصلاً إلى الجوف، ونحو ذلك من المعاني التي يجعلها أصحاب هذه الأقاويل هي مناط الحكم عند الله ورسوله، ويقولون أن الله ورسوله إنما جعل الطعام والشراب مفطراً لهذا المعنى المشترك من الطعام والشراب. ومما يصل إلى الدماغ والجوف من دواء المأمومة والجائفة. وما يصل إلى الجوف من الكحل ومن الحقنة والتقطير في الإحليل ونحو ذلك.
113