وأما قول المتأخر: إن الصائم في السفر يقضي، فلم يَعرِف وجهَ قول رسول اللَّه ﷺ: "ليس من البر الصيام في السفر" (^١)، إنما خاطب بذلك من كَظَّه (^٢)، على ما في الحديث، وهو ﷺ صام في حجة الوداع، واحْتَجَمَ وهو صائم مُحرِم، وهذا آخر فعله.
قال القاضي وطرق هذا الحديث كثيرة.
وقد قال مالك ﵁ في من أتمَّ في السفر: إنه يعيد في الوقت (^٣).
فإن قيل: إن كان فرضه ركعتين فالزيادة فيها تُبطِلها كما تبطل الزيادة في الأربع.
قلنا: الفرض ركعتين أقوى ما روي ونقل إلينا، ولسنا مثل من جاء بعد المائتين يقول: إن ما (^٤) خالفه لا يجوز البتةَ، لو قلنا: إن مصلي أربعٍ (^٥) يُعيد أبدًا لكان عثمان وعائشة ﵂ ما صلَّيا، وآراؤنا دون آرائهم.
قال ابن مسعود ﵁ وقد صلى خلف عثمان ﵁ أربعًا: ليتَ حظِّي من أربعٍ ركعتان (^٦)، ولم ير الإعادة.
وهذا علي بن أبي طالب ﵁ يقول له ابن عباس: كنتَ معنا نقول لأبي بكر وعمر: إن الخُمُس لنا بالكتاب والسنة، حتى أفضى الأمر إليك فقسمته على