Les Contes du village : Histoires et Souvenirs
أحاديث القرية: أقاصيص وذكريات
Genres
فقلت: وكيف يضربون المطران وأنا رأيت المطران بعيني يضرب بالعصا، فتمتم: يا ويلاه يا حالاه! ولما رأى كثرة الاعتراضات أسرع يعدد عجائب القديس، فقال: شفى جملا كان (يسكنه) شيطان، فقلت: ولماذا يسكن الشيطان جملا، أما علمتني أن أقول وقت التجربة: يخزيك يا عدو البشر، إذن الشيطان عدو الجمال أيضا.
فتململ وقال: وقتل تنينا، وشفى مرضى كثيرين. قلت: واليوم ألا يشفي. قال: بلى. يشفي من البردية (حمى النفض) من يستشفعون به وينذرون له. وحاول أن يواصل كلامه فقاطعته: وإذا كانوا فقراء ولم ينذروا له شيئا ألا يشفيهم؟ قال: بلى، إذا صلوا بحرارة. قلت: وهل النذر يغني عن الصلاة، فأجاب: لا.
وكأنه ضاق بي فحتم علي ألا أقاطعه وقال: فآمن أربعة آلاف فعمدهم وسام لهم كهنة وشمامسة. فقلت: وبرادطة وخوارنة أسقفيين أما رسم؟ فأمرني بالصمت وقال: لا تقاطعني ومضى يقول: وخرج من القرية فطلع عليه ثعبان في الطريق، فرسمه بالصليب فمات، فقلت: أنت خلصت منه بلا رسم صليب، فأزهى وما أبدى، وقال: وعاد القديس إلى مدينة (نوا) فرآهم مالوا إلى الكفر وهدموا الكنائس وطردوا المسيحيين، وتنهد، فتمثلت: طوبى لكم إذا عيروكم واضطهدوكم، فقال: عافاك - وجرها جدا - ولكن اسكت لا تقاطعني: ولما علم أسقف البلد بعود مار عبدا جاءه يخبره بقتل الكهنة وهد الكنائس فعزاه القديس. ودخلوا المدينة فهاجمهم أهلها فصلى مار عبدا فحدثت زلزلة زعزعت المدينة، وتراءت ظلمة ونار في السماء فخضعوا جميعا قائلين: ارحمنا يا قديس الله، فأسكت الرجفات بصلاته، وشفى رجلا مخلعا.
قلت مبتسما: مثل سيدنا يسوع المسيح، فقال بنفرة: نعم، ما قلت لك: لا تقاطعني. فأمررت يدي على فمي، وتابع حديثه: ورجع الأسقف إلى خشكار. فعاودني الضحك، فاغتفرها لي ولكنه صبر علي لحظات وقال: فوجدهم رجعوا إلى عبادة الأوثان فوعظهم فاضطهدوه وسجنوه. وفي السجن عمل عجائب كثيرة، وجاءه ملاك الرب في السجن وقعد يشدده ويعزيه.
قلت: الملاك الذي بشر مريم؟ قال: عند ربنا ملائكة كثير، وفي الغد جلدوه حتى انتثر لحمه، وبانت عظامه فدهنوه عسلا ووضعوه في الشمس لتلذعه الزنابير، وأخيرا قطع الملك رأسه وقتل معه كهنة وشمامسة وبتولات. صلاته تحفظنا. فقلت كالمعتاد: آمين.
وتحرك للنهوض قائلا: يا مار عبدا. فحزنت وتمنيت لو يتمهل قليلا لأشهد العيد، وخرجنا. فردد الناس فيما بينهم لما رأوه: خوري حنا عين كفاع، ودنوا منهم فباركهم واحدا واحدا، وكان يقبض على يد من لا يعرفه ويسأله، ابن من أنت ولو كان ابن ستين؟ وانصرف وهو يقول لهم: توقوا السكر يا أولادي.
فوقفته لأطيل بقاءه ريثما أملأ عيني من مشاهدة العيد فقلت له: وقصة المطران. فأجاب امش. تسمعها في الطريق. ومشى وهو يبربر: كانت الأعياد للصلاة والعبادة، فصارت لشرب العرق والنبيذ، وأكل اللحم يوم الجمعة، وما بلغنا الوطا حتى دخلنا في العتمة. وأضرم الشباب النار في الهشيم - زينة الأعياد في القرى - فمشينا، على ضوء نارهم حتى البيت.
وحدثني في الطريق عن فرار المطران يوسف اسطفان من وجه المير بشير بعد عامية لحفد، واختفائه مدة في هذا الدير؛ لأنه اتهم بكتابة صك الاتحاد بين الدروز والنصارى على أن لا يدفعوا للأمير إلا المال المعين.
وأقام المطران في الدير منتظرا صفح المير بشير، ولما بلغه أن التوسط له لم يجد، عزم على الرحيل إلى أضاليا مسقط رأس المردة، فلحق به الشيخ يعقوب سمعان البيطار، فأدركه عند النهر البارد، وأبلغه صفو خاطر الأمير، وأرجعه. ومثل بين يدي أبي سعدى فسقاه القهوة القاضية.
ولما أنهى جدي قصة المطران - كما لخصتها - أخذني من كتفي وهزني بعنف قائلا: كيف يا مارون، أما رأيت مطرانا يمشي!
Page inconnue