Les Contes du village : Histoires et Souvenirs
أحاديث القرية: أقاصيص وذكريات
Genres
فصرت أرى دهري وليس يراني
ولو كانت تحت الجناح لانتظرت النقف، ولكنها بعيدة عن الحضانة، فلا فرخا أنتجت، ولا بيضة صلحت.
كانت على عهد لبنان معبر القوافل القادمة من جبيل، وجونيه، وبيروت، وصيدا، ودمشق مثقلة بالبضائع إلى بنادر الشمال: دوما، وبشري، وأهدن، وغيرها، من دساكر لبنان، فكانت الطريق ثرثارة أبدا، لا تخلو من الرجل والحافر. أجراس بغال وجمال تدق، وجلاجل حمير تهمهم، ومكارون يغنون مع الفجر العتابا، والميجانا، والمواليا، والمعنى، والقرادي، وأحيانا أناشيد كنسية مثل: إن قلبي في هوى مريم، وصلاتك معنا، واطلبي عنا، فتظن أن بيعة سيارة فيها أجواق مرتلين لولا سب الدين إذا تعس الحمار أو كبا البغل. أما اليوم فالطريق خرساء طرشاء كمسامع الحكومة عن ندائنا.
نعم خفيت عين كفاع على الحكومة اللبنانية فمهد الأحدب - مهما يكن من شيء فللأحدب الشكر - طرق الدواليب إلى القرى المحيطة بها من الجهات الأربع فزمرت السيارات حولنا في كل فج وعلى الذرى، ورقصنا نحن رقصة الطير، وهكذا ظلت هذه القرية وحدها بلا طريق. لو مهدت الأميال الخمسة الباقية لاختزلت طريق الأرز، وأمن المسافرون حر الصيف وبرد الشتاء.
عاتبنا الدباس عندما مهد طريق مار يوسف جربتا، ولم يبال ببعد الشقة، ودير مار يوسف هذا في وحدة الرهبان فيه بضع راهبات متعبدات فاضلات. وعاتبنا الحكومة فقالوا لنا (غدا) ولولاكم ما مهدناها. لقد صدقوا، استعاروا اسمنا كي يحققوا قول المثل اللبناني: النذر للدير ... إلخ.
وصبرنا حتى ضاق صدرنا فكتبنا إلى الدباس يوم كان دكتاتورا نذكره بوعده فتناساه ولم يجب. وقيل لنا: إنه يطرب للشعر، ورأينا شاعرا يمدحه فيستحق شكر لبنان، فكتبنا إليه شعرا معاتبين لا مادحين، ومما قلناه له: إننا على دين بشار لا نمدح ريحانة قبل شم. أما تلك القصيدة فهذا مطلعها، والكتاب يعرف من عنوانه:
قل للرئيس عداك حظ أنكد
أقرى معذبة ودير يسعد
فما نفعنا الشعر، ولا أجدى النثر، ولم يعد الدباس ذلك الحظ الأنكد.
قال العرب: الحديث شجون. ألا ترى كيف ينجر الحديث، فلنعد إلى عين كفاع. أما موقعها الطبيعي فدونك وصفه الوجيز: «جزيرة برية» على رابية مخروطية مفرطحة قليلا، تعلو مائتين وخمسين مترا عن الأودية التي تطوقها. خطط الجدود قريتنا الصغيرة في عين حكومتنا، فإذا نظرت إليها من جبل معاد تخالها حلزونا، يحدها شمالا نهر شتوي يسميه الجغرافيون نهر المدفون، وغربا واد شتوي أيضا يصب في النهر، وقبلة وشرقا سهل مقعر قليلا، مساحته بضعة أميال مربعة (تمت حدود بطريركية فارناي
Page inconnue