Paroles de Mazini
أحاديث المازني
Genres
ولكني لا أرتاح لا منها ولا من ستها ولا من الأطفال ولا أزال أرى من يجري ورائي منهم ويخبرني أني نسيت الجورب أو لبست اثنين مختلفين أو تركت الطربوش ويوشك أن أخرج برأسي عاريا إلى آخر هذه التوافه التي لا أعرف لها آخرا.
وأحسب أن نسياني إنما يشتد لأن رأسي لا يخلو من شيء يدور عليه تفكير ويستغرقني ذلك حتى لأذهب عما عداه وقد كانت أمي - عليها رحمة الله - تتعجب لأمر وتقول لي «يا بني ما الذي يطير عقلك».
فلا يعجبني هذا وأقول معترضا «إن عقلي لم يطر. ثم إن هذا غير معقول. أم تظنينه حمامة».
فتقول غير عابئة بملاحظتي «لم يكن أبوك هكذا. ولا أنا مثلك. إنك لا تتذكر شيئا أبدا».
فأقول: «أني من صنعكما - أنت وأبي المحترم - فأين ذنبي بالله».
فتقول مستاءة: «لماذا لا تتكلم خيرا».
فأقبلها وألثم يدها وأسترضيها وأقول معتذرا «ماذا أصنع إذا كان ربي قد خلقني هكذا. واسع خروق الرأس. كالغربال القديم».
فتبتسم وتدعو لي الله أن يرد علي ما غرب من عقلي فأتقبل دعاءها بالشكر وأمري إلى الله.
والأم تحتمل ابنها وتصبر على ما يكون من ذهوله ولا تسيء به الظن وليست هكذا الزوجة فإنها تحمل ذلك على غير محمله وتؤوله بأنه قلة اكتراث وعدم مبالاة وأن الرجل لا يفكر فيه ولا يفرض لها وجودا ولا يقيم لها وزنا إلى آخر هذا الهراء. وهي سليمة لا تخونها الذاكرة فليس في وسعها أن تدرك بلاء النسيان وأن تعذر المنكوب به. ومن العبث أن يقول لها المرء أن كثرة المشاغل هي التي تطير من الرأس كل ما عسى أن يكون فيه إذن لماذا لا يشغل الرجل بها هي ولا ينسى ما عداها هي.. هذا هو المشكل.
وما دخلت البيت مرة إلا شعرت أني لابد أن أكون قد نسيت شيئا أوصتني به زوجتي فأقول لنفسي سترك الله.. وعونك أيضا «وقد أكون مخطئا ولكن الخطأ لا يمنع الشعور الثقيل وكثيرا ما يتفق أن يكون ظني في محل فلا تكاد ترى وجهي الناطق بتوقع اللوم حتى تبتدرني بقولها «بالطبع نسيت».
Page inconnue