Paroles de Mazini
أحاديث المازني
Genres
فلوح الرجل بذراعه وقال: «أنا مالي! مفلوقين في بعض.. فين السجادة يا حامد..».
الفصل التاسع عشر
في النسيان
أعوذ بالله من قولة «أنا» ولكني مصاب بنفسي وهذا عذري. وشر ما أصبت به منها النسيان وحسبك به بلاء عظيما. وقد صرت بفضله أو من جرائه - امرءا له الساعة التي هو فيها فأعفيت من الهموم كما أعفيت من اللذاذات أو المسرات ومن ذكرياتها الحلوة.
ولا أسف على ذلك فقد تكافأ الربح والخسارة. ولو أراحني الناس كما أراحتني نفسي لتمت لي السعادة في هذه الدنيا الدنية.
ويبلغ من نسياني أني أكون ذاهبا إلى فراشي في الليل فأراني أقف أمام السرير مترددا حائرا لا أدري ماذا جاء بي إلى هنا.. أهي علبة السجائر أم أريد المعطف أو العباءة هذا في الشتاء - أم ماذا يا ترى.. ثم أستخير الله وأقول لنفسي «نم يا شيخ وأرح نفسك من عناء المحاولة فما فيها فائدة».
وأرقد على فراشي فتدور في نفسي معان وتمثل لذهني صورا أتعلق منها بما يروقني فأغمض عينين - وقد قررت وأقول إن شاء الله في الصباح أكتب الفصل أو أرسم الصورة أو أقص القصة.. وأقرأ الفاتحة للموتى وآية الكرسي ليحفظني من العين وأنام.
ويطلع الصبح فأستيقظ مع الدجاج فإذا بي قد نسيت كل شيء وإذا بالصور والمعانى قد مسحت بقدرة ربك من اللوح ولم يبق منها ولا أثر ضئيل يدل عليها ويهدي إليها ويساعد على رجع ما ولى منها فاتعزى بأن الذي لا أجده لا يزال هناك وأنه غاب ولكنه لم يمح وقد تنتعش الذاكرة فجأة فيطفو ما رسب.
ويتفق أن أقف أمام المرآة لأسرح شعري أو أسوي ربطة الرقبة أو أفعل غير ذلك من الشئون التي تحوج في العادة إلى المرايا - وإن كنت أنا أستطيع ذلك كله بغير معونتها - حتى إذا صرت أمامها ووقفت متعجبا متسائلا «لماذا يا ترى أنظر في المرآة، وأرفع يدي إلى جبيني وأفركه وأحاول أن أتذكر ولكن الأمر يعييني فأهز رأسي وأمضي لشأني.
وأقول وأنا ماض إلى عملي اليومي أني سأكتب كيت وكيت ويشغلني ذلك طول الطريق وأصعد إلى مكتبي وألتقي إخواني وزملائي ويجر اللقاء إلى التحدث في أمور شتى من عامة وخاصة حتى إذا خلا المكان وتناولت القلم وأقمت سنه على الورقة رأيتني أتساءل في أي شيء كنت أنوي أن أكتب يا ترى.. وكيف أمكن أن أنسى بهذه السرعة العجيبة وقد كنت مشغولا به طول الطريق.. وأحتاج أن أبحث عن موضوع آخر.. ومن يدري.. فقد يكون الموضوع الذي أهتدي إليه بعد العناء هو بعينه الذي نسيته وأنا أحسبه غيره.
Page inconnue