Paroles de Mazini
أحاديث المازني
Genres
وعسى من يسأل «وكيف كنت تصنع في الامتحانات»؟
فأقول أني كنت أقرأ ورقة الأسئلة وأترك النحو إلى آخر الوقت ثم أتناوله وأروح أجمع طائفة من الأمثلة أستخلص منها القاعدة فأجعل هذا جوابي. ولا شك أنه كان لا يخلو من نقص ولكنه لم يكن خطأ كله.
هذه كانت طريقتي وقد استغنيت بها عن حفظ ما في كتب النحو. وأراني الآن أصبحت كاتبا - وقد كنت في زماني شاعرا كذلك - وقد وسعني هذا وذاك بغير معونة من النحو. بل من غير أن أتعلم العروض.
وأذكر أني وأنا في مدرسة المعلمين العليا كان الشيخ حمزة فتح الله هو الذي يتولى امتحاننا في اللغة العربية - على الأقل في إحدى السنين - وكان من أعضاء اللجنة التي هو رئيسها الشيخ عبد العزيز شاويش وفتح الله بركات بك وأستاذنا في المدرسة وكنا ندخل على اللجنة واحدا واحدا كما هي العادة فأخبرني الذين سبقوني على أداء الامتحان أن الشيخ حمزة عليه رحمة الله يفتح كتاب النحو والصرف ويأمر الطالب أن يسمعه الباب الفلاني وكانت هذه مبالغة ولكنا صدقناها فأيقنت أني مخفق ووطنت نفسي على معركة. وجاء دوري فدخلت فناولني مقدمة ابن خلدون وقال افتحها في موضع واقرأ ففعلت فأمرني أن أضع الكتاب وشرع يسألني عن كلمة «العدوان» ما فعلها الثلاثي ولماذا يقال «اعتديا» - بفتح الدال للماضي - واعتديا بكسرها للأمر.
فلم أعرف لهذا جوابا فقلت «هكذا نطق العرب وعنهم أخذنا». فألح في طلب الجواب المرضي.
فقلت: «إن اللغة نشأت قبل القواعد. وأنا أنطق وأكتب وأقرأ كما كان العرب يفعلون من غير أن يعرفوا قاعدة أو حكما».
فساءه جوابي ونهرني وخشي الشيخ شاويش العاقبة فقال له «يا مولانا. العصر وجب» فنهض الشيخ حمزة لصلاة العصر وتركني لزملائه فأسرعوا في امتحاني قبل أن يفرغ الشيخ ويعود.
وأحسب أن ما وسع العرب الأولين من معرفة العربية بلا نحو لا يعجز عنه أبناء هذا الزمان.
ومن الميسور فيما أعتقد أن تحل قراءة الأدب العربي محل النحو.
وليس يعجز رجال العربية عن وضع مختارات صالحة لكل سن.
Page inconnue