رسول الله صلى الله عليه وآله بزواجه بها. ثم تزوج بعدها من امرأة استشهد زوجها في غزوة بدر، وبقيت أيمة لا معيل لها. فأقامت عنده ثمانية أشهر وتوفيت. ثم تزوج من ابنة عمته أم سلمة بعد أن استشهد زوجها في أحد، وترك زوجته مع أربعة أولاد لا معيل لهم. ثم تزوج من ابنة شيخ بني المصطلق القبيلة التي كانت تسكن قريبا من المدينة وانكسرت في قتالها معه فأطلق الصحابة جميع الاسرى من قبيلة زوجة الرسول صلى الله عليه وآله. وبذلك أصبحت قبيلة بني المصطلق من أنصار الرسول صلى الله عليه وآله والمسلمين. وكذلك فعل في زواجه بصفية ابنة رئيس اليهود في حصن قموص من قرى خيبر. وفي عمرة القضاء تزوج ميمونة بمكة بعد ما تأيمت وبقيت بين المشركين وأخذها معه إلى المدينة.
وزوج ابنة عمته زينب حفيدة عبد المطلب من مولاه زيد وكان قد تبناه.
وبذلك كسر العرف الجاهلي في الاعتداد بالنسب. وجعل الكفء في الزواج:
الاسلام والايمان. غير أن زينب لم تطق ذلك وجعلت من الحياة الزوجية في بيت زيد جحيما لا يطيق تحمله زيد. وكان يشكو ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويريد الفراق منها، ويصبره الرسول عليها. فأخبره الله أن عليه أن يتزوج مطلقة زيد الذي تبناه ليكسر بذلك عرفا جاهليا آخر وهو احتسابهم الابن المتبنى في جميع الشؤون كالابن من صلب أبيه. فأطاع الرسول صلى الله عليه وآله أمر الله في ذلك.
ثم تزوج من أم حبيبة ابنة ألد أعدائه وشيخ قريش بعد أن هاجرت مع زوجها إلى الحبشة وتوفي زوجها وبقيت بلا معيل في بلد الغربة، فهل تعود إلى دار أبيها وأمها في دار الشرك ليفتنوها عن دينها. أم ماذا تصنع؟ وإذا بها يشملها حنو الرسول صلى الله عليه وآله ويخطبها ويجري عقد النكاح بكل مظاهر الاحترام، ويبلغ أبا سفيان الخبر فيقول ما يدل على اعتزازه بهذه المصاهرة أنه:
الفحل لا يقدع أنفه.
وتتجلى حكمة تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وآله في أخبار الواهبات أنفسهن، فقد كن يتهافتن على رسول الله (ص) تهافت الفراش على النور. كما دل على
Page 48